الأخذ بالثأر والذبح على الهوية
لم تعد المسألة بفضيحة، فالإنتقامات و”الأخذ بالثأر” انتقلت من صفحات الصحف إلى قلب الوزارات والإدارات والمكاتب بين “التيار الوطني الحر” و”الحزب التقدمي الإشتراكي”. القضيّة تخطّت السياسة وتجاوزت “القلوب المليانة” على مرأى من الجميع، فلو قرّر أيّ فريق سياسي أن يكسر الجرّة مع فريق آخر لما كانت الأمور لتصل إلى هنا.
الأمور لم تقف عند الموظفة هيلدا خوري، فما دفع إلى تطوّر الإحتدام خطوة وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال طارق الخطيب الذي أصدر قراراً قضى بتنحية الموظف نزار هاني من عمله في لجنة محمية أرز الشوف، تبعه قرار المدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان كمال الحايك بوضع مدير الدراسات المهندس رجا العلي خارج الخدمة.
كل ما يتمّ تداوله من أخبار شيء، والواقع شيء آخر وفي مكان آخر تماماً.
وفي المعلومات لموقع mtv أنّ ما حصل في وزارة التربية لا يندرج في خانة “الإقالة”، فالموظّفة هيلدا خوري ما زالت في منصبها كمديرة للإرشاد والتوجيه، أيّ الموقع الذي يُصنَّف ضمن الفئة الثانية حيث كانت سابقاً، مع العلم أن خوري شغلت موقعها في الإرشاد والتوجيه بالتكليف وليس بالأصالة، بعدما ترأّست الدائرة جمال بغدادي.
في حين عيّن الوزير مروان حمادة مديرة التعليم الخاص أمل شعبان في إدارة الإمتحانات الرسمية بالإضافة الى تعيين جورج سليمان مُديراً للتعليم الثانوي الخاص.
والجدير ذكره هنا، وفق التفاصيل، أنّ شعبان، المُعيَّنة من قبل وزير التربية السابق خالد قباني في العام 2004، لم تحلّ مكان خوري أو تمّت ترقيتها إلى مرتبة أعلى من السابقة بل بقيت في موقعها المُصنَّف فئة ثالثة. مع الإشارة إلى أنّ العلاقة بين حمادة وخوري جيّدة والأخيرة تمضي فترات طويلة خلال رحلاتها خارج البلاد، على حدّ ما يقول زملاء لها.
وعلم موقع mtv أنّ شعبان تلقّت عدداً من الإتصالات من قبل نواب في “التيار الوطني الحر” كانوا قد هاجموها في تغريدات وتصريحات لهم فور إثارة القضيّة إعلامياً وأشادوا بكفاءتها وعبّروا عن اعتراضهم ما حصل.
هذه الرواية الكاملة لقضيّة حوّلها الإشكال السياسي المحتدم بين “الوطني الحر” و”الإشتراكي” إلى حلبة مصارعة لا حكَم فيها. عمليّة إدارية طبيعية داخل وزارة التربية ردّ عليها الخطيب بتحويل موظّف في وزارة البيئة إلى ضحيّة على طريقة “الأخذ بالثأر” التي تُبقي علامة استفهام حول مصلحة مَن يقف وراءها، رحمةً بنفسه وبالموظّفين وبهذه الأيام…
يشبه الأمر، الى حدٍّ بعيد، الذبح على الهويّة…