الراعي من الباروك: لحكومة طوارىء تبني الوحدة والمصالحة
دعا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى “تشكيل حكومة طوارىء حيادية تجمع الشمل”، معتبرا انه “عبثا نقول حكومة وحدة وطنية ونحن متنازعون، وطالما لا يوجد مصالحة في القلوب ومحبة وثقة بل خوف كل واحد من الآخر، فليس من حكومة وحدة وطنية”.
وكان البطريرك الماروني قد وصل الى بلدة الباروك قبل الظهر، يرافقه راعي ابرشية صيدا ودير القمر للموارنة المطران مارون العمار والمطران طانيوس الخوري، في مستهل جولة له في منطقة الشوف تستمر ليومين.
واقيم له استقبال في منزل رئيس بلدية الباروك الفريديس ايلي نخله، بدعوة منه، وبمشاركة شخصيات في مقدمها ممثل رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب تيمور جنبلاط واللقاء وزير التربية في حكومة تصريف الاعمال مروان حمادة، النواب جورج عدوان، ماريو عون وفريد البستاني، ممثل الوزير السابق ناجي البستاني وليد البستاني، المدير العام السابق انور ضو، قاضي المذهب الدرزي الشيخ فؤاد البعيني ووفد من اعضاء المجلس المذهبي والمشايخ الدروز، رئيس اقليم الشوف الكتائبي عبده كرم، المونسنيور مارون كيوان، ورئيس المركز الكاثوليكي للاعلام المونسنيور عبده ابو كسم، قائمقام الشوف مارلين قهوجي، قائد سرية درك بيت الدين العقيد جوزيف عيد، رئيس مركز مخابرات الجيش العقيد حسين صعب، رئيسي اتحادي بلديات الشوف الاعلى روجيه العشي والشوف السويجاني يحيى ابو كروم القيادي في “الحزب التقدمي الاشتراكي” ناصر زيدان ووكيل داخلية الشوف عمر غنام وفاعليات.
نخلة
والقى نخلة كلمة ترحيبية توجه فيها الى الراعي بالقول: “ان تزرع ارزة في هذا المكان المبارك فيعني ان نجدد فعل ايمان بلبنان الواحد الذي يستظل علما واحدا تتوسطه ارزة خضراء فروعها الى السماء وجذورها ضاربة في الارض، وتستولد دائما حكاية الثبات في ارضنا نرويها من خزين تعبنا، وكم نحن اليوم في ذروة الاشتباك القائم الذي لا يخلو من نبرة تعيدنا الى الليالي الحالكات في حاجة الى كلمة سواء والى صمت عميق يعتصم به السياسيون الذين ندعوهم ان يتقوا الله ويلوذوا الى رحمته”.
البعيني
ثم تحدث البعيني، فحيا “مصالحة الجبل”، وقال: “الجبل انتصر دائما على المصاعب برعاية وبركة مسيح الحق عليه السلام بحنوه وعطفه على رعيته من موحدين ونصارى. هكذا نحن متكاتفين متضامنين نصنع من المحن منحا ومن الغم فرحا ومن التشتت وحدة ومن الوهن عزيمة بدوام نظر المسيح الينا. المسيح قام حقا قام، نعم قام وهو عندنا في جبلنا قيامة دائمة”.
الراعي
والقى الراعي كلمة شكر فيها مستقبليه “وسط جمال الطبيعة في هذه المنطقة، اذ عندما ادخل الى هنا اشعر بالطمأنينة والسكينة والسلام، وكل يوم نجدد هذا الالتزام نحفر في قلوبنا كما في ذاكرتنا معاني النشيد الوطني لكي نعيشه بكل ابعاده العائلية والاجتماعية والوطنية، ونترجمه بكل معانيه سياسيا ووطنيا ايضا”.
وقال: “اخترت شعار شركة ومحبة لخدمة البطريركية سنة 2011 شعورا بايمان عميق ان قيمة لبنان بمكوناته المنوعة، ما يعني اننا في بنيان هذا الوطن كل واحد منا يشكل حجرا لا يمكن الاستغناء عنه، واذا شئتم فسيفساء لا يمكن انتزاع ولو حجر صغير منها، هذا هو لبنان واهميته في مكوناته المتنوعة وتعدديته بكل القوى الموجودة كبلد ديموقراطي وحرية رأي وتعبير وتعددية الاحزاب والطوائف والمذاهب، وهذا غنى ثقافي وحضاري وديني وقيمي كلها نحن بحاجة اليها في هذا الوطن الصغير لكي نحافظ على الفسيفساء التي نكونها، ولا يكفي ان نكون حجارة لكي نبني بيتا، وجمالها انها مع بعضها. اما حجر واحد فيفقد قيمته، لكن الحجر في مكانه قنطار ما يعني اننا نأخذ قيمتنا من الجماعة ونفقدها عندما نخرج من مسيرة الجماعة، هذه هي الشركة، ولكن الحجارة بحاجة الى اسمنت وعندنا الاسمنت هو المحبة، فلا يمكن ان يبنى وطن دون محبة”.
أضاف: “نحن نعيش اليوم نقصا في المحبة وقلة ثقة بين بعضنا البعض، وهذا يظهر عند اول مناسبة وظرف، واعتقد ان الازمة في عدم تأليف الحكومة ازمة ثقة، كلنا سيهدم كلنا، كلنا لا نريد ان نعطي، نخاف، نحن بحاجة الى ثقة ومحبة لكي نتعانق ونغتني من بعضنا البعض لبناء هذا الوطن الصغير والكبير جدا في رسالته. الجميع يعلم ان العالمين العربي والغربي يتطلعان الى لبنان ويحبهما لانه وطن عجيب غريب بشعبه المنفتح والمحب والمضياف والطموح الذي لا يقف امام ضعف، بل ينطلق الى السمو، يعرفونه من خلال اللبنانيين في كل مكان، هم شعب خلوق يذهب الى العلى، في كل اماكن الارض يتاح لنا زيارة جالياتنا اللبنانية، في كل المناطق الارضية، ونسمع نفس الحديث من السلطات المدنية ان اللبنانيين شعب خلوق جبار محب وصاحب ولاء”.
وتابع: “هنا لقاء جميل لا ينسى، رائع، شكرا لانكم هنا، فلنشبك ايادينا بعضنا ببعض لبناء هذا الوطن، اذ لا يجوز ان نستمر امام هذا البنيان الذي يتهدم شيئا فشيئا وهذا وصمة عار على جبيننا كلنا في ان نرى وطننا يتداعى ويسقط، وكلنا نقول ذلك وكلنا نعرب اننا على شفير الهاوية، بالاقتصاد والمال والهجرة والتراجع، ولكن الحل في ايدينا ولا يحق لنا القول ان السبب هو الخارج، كل الحق على الداخل. فبكثير من الفضيلة والتجرد والتفاني والثقة والمحبة يجب أن نعمل معا، لانه اذا بقينا على هذه الحال نذهب الى الموت”.
وأردف: “أتجرأ القول هنا، لماذا لا نفكر بحكومة طوارئ مثلا خارج الجميع، تبني الوحدة الداخلية والمصالحة، ونحن في ارض المصالحة، كنا نبغي ان تكون مصالحة الجبل على يد غبطة ابينا البطريرك نصرالله صفير ووليد بك جنبلاط، ونحن نبني عليها، ان تكون مصالحة نموذجية لكل لبنان. اننا نحمل هذه المسؤولية في المصالحة الوطنية كلها. اقول نعم حكومة طوارئ حيادية تجمع الشمل، وعبثا نقول حكومة وحدة وطنية ونحن مختلفون ومتنازعون، فحكومة وحدة وطنية بالاسم! يدخلون معا ثم يقتلون التنين في كل مرة ينبغي اتخاذ قرار ما معا، هذا غير ممكن! جكومة وحدة وطنية تبدأ بالمصالحة وطالما لا يوجد مصالحة في القلوب ومحبة وثقة، بل خوف كل واحد من الآخر، فليس من حكومة وحدة وطنية. ربما تولد الحكومة وستولد، انما يجب الذهاب الى الاساس ووضع يدنا على الجرح، ان جمال هذا الجمع أملى علي قول ذلك”.
بعدها توجه البطريرك الى غابة ارز الباروك في محمية ارز الشوف، وغرس شجرة ارز حملت اسمه، وتسلم لوحة بذلك، كما شارك في زرع ارزة تحمل اسم المطران طانيوس الخوري، وتفقد الارزة التي تحمل اسم البطريرك نصرالله صفير.
بعدها عاد الراعي الى كرسي مطرانية بيت الدين، حيث اقام العمار مأدبة غداء على شرفه بمشاركة عدد من الكهنة.