قمة العرب بغياب الرؤساء..بري يقاطع وجنبلاط: قوى ظلامية عطلتها
على ضآلة المشاركة الرئاسية والاحجام العربي عن الحضور الفاعل، وبرغم الندوب البالغة التي اصابت الجسم السياسي اللبناني بفعلها، وضعت القمة العربية الاقتصادية التنموية في دورتها الرابعة على سكة العمل الفعلي من خلال اجتماع وزراء الخارجية والاقتصاد العرب الذين ناقشوا جدول اعمال القمة في فندق “فينيسيا”، تمهيدا لوضعه على “طاولة الرؤساء” الاحد المقبل ولئن لن يحضر منهم سوى اثنين على الارجح بعد الاعتذارات المتتالية. وبعيدا من المقررات المرتقب ان تصدر في ختامها وما تردد عن مبادرة مهمة سيطلقها الرئيس ميشال عون، فإن السؤال الابرز لبنانيا: على اي حال سيستفيق لبنان السياسي الاثنين المقبل وقد بُلي بما ابتُلي به من “مصائب” هشّمت علاقات القوى السياسية ببعضها البعض واصابت الرئاستين الاولى والثانية بجراح قد يصعب تضميدها سريعا وهي المصابة اساساً بداء الازمة الحكومية، خصوصا اذا ما قاطع الرئيس نبيه بري وكتلته القمة كما اشارت المعلومات اليوم.
بري يغيب: ففي ظل الغياب العربي “الرئاسي” شبه التام عن القمة، يبدو ان حركة امل تتجه ايضا الى مقاطعتها. اذ اكد عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب انور الخليل عدم مشاركة الرئيس بري والكتلة في القمة، مشيرا الى “أن ما طرح على بري بما خص تمثيل ليبيا في القمة كان مغايرا عن الوفد الذي كان سيأتي الى لبنان والذي له علاقة في شكل مباشر بتقصير المسؤولين الليبيين بمتابعة البحث في قضية اختفاء الامام موسى الصدر”. بيد ان معلومات صحافية أشارت الى ان وزيرالمال والوزارة سيشاركان في اعمال القمة.
جنبلاط والقوى الظلامية: وفي السياق، غرّد رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط قائلاً: “بالرغم من تعطيل القمة من قبل القوى الظلامية ستبقى بيروت عاصمة الامل والثقافة والفرح والتحدي والتنوع”.
الاجواء أثّرت: في الاثناء، تواصلت الاجتماعات التحضيرية للقمة. وفي السياق، اعلن الامين العام المساعد للجامعة العربية حسام زكي أن جدول اعمال القمة يشمل اكثر من 27 بندا منها ادارة النفايات الصلبة والسوق العربية المشتركة للكهرباء ودراسة عربية لمجال الاقتصاد الرقمي ومنها ما يخص المرأة والطفل والفقر. وأوضح في مؤتمر صحافي بعد اجتماع مغلق للجنة الوزارية المعنية بالمتابعة والإعداد للقمة، ان بند النزوح السوري موجود لكن الرؤى ليست متطابقة. واذ أكد ان حضور القادة يزيد القمة اهمية، شدد على ان عدم وجود عدد كبير منهم لا يأخذ من اهمية الموضوعات. وقال ردا على سؤال:” هناك أجواء قد تكون أثرت على مستوى تمثيل بعض الدول ولا أريد أن افصح عن أسباب تغيب البعض إذا كنت على علم بذلك”. وأوضح من جهة أخرى، ان سوريا لم تطرد من الجامعة العربية انما تم تعليق مشاركتها.واشار الى أن موضوع إعمار سوريا غير مطروح على جدول ألاعمال، مؤكدا ان عودة سوريا تحتاج إلى التوافق وعناصره غير متوفرة بعد.
خوري والنزوح: بدوره، اوضح وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري ان “تم اقرار معظم البنود باستثناء التي يلزمها نقاش. والموضوع الذي يعنينا هو تشجيع عودة النازحين السوريين الى بلدهم بطريقة امنة وكريمة”. و”اعتقد ان سيكون توافق حوله”، معلنا ان “ليس من تحفظات على اي بند”. اما عن تأثير مستوى الحضور، فقال “هذا الموضوع لا تأثير له، المواضيع المطروحة لا تزال نفسها ولم يصر الى اي تعديل عليها خصوصا ان هناك مبادرة للرئيس ميشال عون يوم الاحد، وهو سيرأس هذه القمة لفترة اربع سنوات ولا يجب ان ينظر اليها كحدث فقط يوم الاحد، انما هي متابعة في السنوات المقبلة وهنا تكمن اهميتها.” وردا على سؤال قال: “علينا ان نجد آلية معينة لتمويل الدول التي شهدت نزاعات مسلحة ودمار منذ العام 2013 “.
باسيل وسوريا: وسط هذه الاجواء، دعا وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل في اجتماع وزراء الخارجية
والاقتصاد العرب لمناقشة جدول اعمال القمة التنموية العرب الى احتضان لبنان، وقال: “احتضنوه ولا تتركوه، فهو لم يطعن يوماً احداً منكم ولم يعتد يوماً على اي مواطن عربي، بل كان ملجأً وحامياً وحافظاً لشعوبكم ومعمّراً لبلدانكم، ومستوعباً لتنوّع حضاراتكم وثقافاتكم ويبقى دوماً واحة المحبة لكم والضيافة بكم والتهليل لكم ولقدومكم”. وقال “كم جميل ان نخرج بخطّة اعادة النازحين واللاجئين الى ارضهم، بمعزل عن رغبة من هجّرهم، لأن من هجَّرَهم يريد ابقاءَهم، اما نحن المستقبلين لهم نريد عودتهم الكريمة ولا احد يمكن ان يمنعنا من ذلك اذا جعلناها كريمةً لهم، ومفيدة لاقتصاد بلدانهم. وكم جميل اكثر لو نفتح الانتماء بين بلدانِنا لنحوّلَ نقمةَ المذهبية المهيمنة على بلدانِنا الى نعمة المواطنة لمشرقنا، بحضارته وتعدّديته”، مضيفا ” ان هذا كلّه لا يمكن ان يكون ان تركنا فجواتٍ في داخلنا، وسوريا هي الفجوة الاكبر اليوم في مؤتمرنا، ونشعر بثقل فراغها بدل ان نشعر بخفّة وجودها. سوريا يجب ان تعود الينا لنوقف الخسارةَ عن انفسِنا، قبل ان نوقفها عنها. سوريا يجب ان تكون في حضننا بدل ان نرميها في احضان الارهاب، دون ان ننتظر اذناً او سماحاً بعودتها، كي لا نسجّل على انفسنا عاراً تاريخياً بتعليق عضويتها بأمرٍ خارجي وباعادتها باذنٍ خارجي، وكي لا نضطر لاحقاً الى الاذن لمحاربة ارهاب او لمواجهة عدو او للحفاظ على استقلال وكي لا نسأل ماذا يبقى من عروبتنا ان هكذا كنّا. وكي لا اسألكم انا اليوم ما معنى جامعتنا واين الجمع ان نجحت فقط في الاقصاء والمقاطعة والتخفيض بدل التعزيز والتعليق وكي لا يسألنا اولادنا غداً لماذا حافظتم على هذه الجامعة ان كانت للتفرقة؟
دعم مصري: وعلى هامش القمة، جال وزير الخارجية المصري سامح شكري يرافقه سفير مصر في لبنان نزيه النجاري، على بعبدا وعين التينة وقد تبلغ رئيس الجمهورية العماد ميشال منه رسالة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تضمنت اعتذاره عن عدم تمكنه من المشاركة في القمة نظراً لارتباطات أوجبت بقاءه في القاهرة. وتطرق البحث إلى المواضيع الواردة على جدول أعمال القمة. وعبّر شكري للرئيس عون عن دعم مصر الكامل لاستقرار لبنان وأمنه والإستعداد للإسهام في تحقيق هذا الهدف.
فرنسا للتأليف: من جهة أخرى، وغداة الاجتماع الماروني الذي عقد في بكركي الاربعاء، التقى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي السفير الفرنسي برونو فوشيه، الذي قال: “هنّأت البطريرك على كل الجهود الملفتة التي يبذلها لتقريب وجهات النظر بين الأفرقاء لكي تتألف الحكومة اللبنانية التي ننتظرها بأسرع وقت. إن إتمام عملية تشكيل الحكومة أمر بغاية الأهمية بالنسبة إلينا، لأن وجود حكومة ضرورة ملحة، فهناك خريطة طريق وضعت للبنان منذ تسعة أشهر ونحن جاهزون لوضعها قيد التطبيق ولكن لا يمكننا المباشرة بها في ظل غياب أصحاب القرار. حملت هذه الرسالة الى غبطته وهنأته بإطلاقه المبادرات بهدف تقريب وجهات النظر”. ثم التقى السفير البريطاني كريس رامبلينغ.
ذكرى التفاهم: وفي شأن غير بعيد من الواقع المسيحي الماروني، في الذكرى الثالثة لتوقيع تفاهم معراب بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، أعاد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع نشر صورة “لقاء معراب” عبر حسابه على “تويتر”، وعلّق كاتبا “مصالحة تاريخية من اجل المستقبل”. اما باسيل، فكتب على “تويتر”: “في السياسة الكثير يتبدّل، أما المصالحة فهي فعلٌ وجداني أنجزناه معاً نحن والقوات اللبنانية وهو أسمى من كل الاتفاقات. تحية لأرواح كل الشهداء ولهم نقول ان لا عودة عن المصالحة، بل للعودة الى اتفاقنا وروحيّته… ويبقى ان التنافس الديمقراطي لازم، ولازم ان يقوّينا لا ان يُضعفنا”.
الحريري الى دافوس: على صعيد آخر، علمت “المركزية” ان الرئيس المكلف سعد الحريري سيشارك في اجتماعات منتدى دافوس الاسبوع المقبل. وقد تكون له اجتماعات ولقاءات مع عدد من السياسيين والشخصيات المشاركة تشكّل مناسبة للبحث في المؤتمرات التي عقدت من اجل لبنان والمساعدات التي تعتزم الدول المانحة تقديمها له. وأفيد ان ممثلين عن القطاع الخاص واعضاء في الهيئات الاقتصادية ربما انضموا الى الحريري.
