هل تُفجِّر قنبلة الغريب الحكومة في جلستها الأولى؟
ما كاد حبر البيان الوزاري الذي نالت
الحكومة الثقة على أساسه يجف، حتى باغت وزير النازحين صالح الغريب الجميع
بزيارة مفاجئة إلى دمشق، دون استشارة رئاسة الحكومة والحصول على موافقتها،
في خطوة ستترك بالتأكيد تداعيات على جلسة الحكومة الرسمية الأولى الخميس
المقبل. وإذا كان الوزير الغريب لم يخف حماسته لهذه الزيارة، في إطار سعيه
لحل أزمة النازحين كما قال، إلا أن السرعة في القيام بهذه الزيارة، حتى قبل
اجتماع الحكومة وفي حمأة السجالات بشأن الملف السوري، طرحت الكثير من
التساؤلات عما إذا كان هناك من يحاول أن يغرق الحكومة في بحر الخلافات حول
الملفات الحساسة التي تفترض التعامل معها بكثير من الحكمة والتروي، لتفادي
المباشرة بإيجاد الحلول الكفيلة للملفات الاقتصادية والاجتماعية، كما جاء
في البيان الوزاري من أجل الإيفاء بالتزامات مؤتمر «سيدر».
ولا تخفي أوساط وزارية القول لـ
«اللواء»، أن توقيت زيارة الغريب خاطئ في الشكل والمضمون، باعتبار أنه ليس
مكلفاً من مجلس الوزراء المعني الأول والأخير بموضوع الملف السوري،
وتحديداً ما يتصل بالنازحين، وعليه فإن الزيارة تترك أكثر من علامة استفهام
ولا يمكن تفسيرها إلا أنها بمثابة تشويش على الأجواء التوافقية التي أثمرت
تأليفاً للحكومة، مشيرة إلى أنه من الطبيعي أن تكون مادة سجالية في جلسة
الحكومة المقررة الخميس المقبل، لأن هناك قسماً كبيراً من الوزراء غير راضٍ
عن هذه الزيارة وسيكون له موقفه منها، وبالتالي فإنه يخشى أن تثير قنبلة
الغريب أجواء توتر حاد داخل الحكومة منذ الجلسة الرسمية الأولى التي
ستعقدها بعد نيلها الثقة.
لكن في المقابل، ترى مصادر نيابية أن
زيارة الغريب تأتي في سياق حلفاء دمشق الدفع باتجاه التطبيع مع النظام
السوري من بوابة النازحين، لأن هؤلاء يعتبرون أنه لا إمكانية لحل مشكلة
النزوح إلا بالحديث المباشر مع دمشق، على طريق إعادة تفعيل العلاقات معها
وفتح صفحة جديدة بين البلدين، وهو الأمر الذي لا يحظى بموافقة القسم الأكبر
من اللبنانيين، في ظل تأكيدات رئيس الحكومة وعدد من الوزراء أن النظام
السوري ليس مستعداً لإعادة النازحين، وأنه يريد من وراء كل ذلك السعي
لتبييض صفحته وإعادة العلاقات إلى طبيعتها معه، ولو على حساب هؤلاء
النازحين الذين يرفض تسهيل عودتهم ولو ادعى خلاف ذلك.
وتشير إلى أن التوجه لدى مجلس الوزراء
للإمساك بهذا الملف وإبعاده عن التجاذبات الداخلية لأن ذلك سيضعف الحكومة
ويؤثر على إنتاجيتها وسيفتح الأبواب أمام عملية تجاذب حاد بما يتصل بالملف
السوري، ما يعني أن أي قرار بشأن النازحين سيكون بيد المجلس، ولن تتفرد أي
جهة باتخاذ أي إجراء دون العودة إلى الحكومة، باعتبار أن هذا الملف الدقيق
يتطلب توافقاً داخلياً لكيفية التعامل معه، كي لا يتسبب بمزيد من
الانقسامات بين اللبنانيين في ظل الظروف الحالية التي تستوجب تحصين الجبهة
الداخلية وحمايتها من التأثيرات الخارجية، في وقت يريد لبنان اكتساب أكبر
قدر من الثقة العربية والدولية بعد تأليف الحكومة، من خلال التركيز على
الاستمرار في سياسة النأي بالنفس، ما يعني عدم التسرع بأي خطوة من شأنها
الانفتاح باتجاه نظام الأسد، لما لذلك من تداعيات على لبنان الذي تلقى
إشارات مطمئنة من الدول العربية والخليجية، برزت بوضوح في زيارة موفد خادم
الحرمين الشريفين المستشار الملكي نزار العلولا الذي نقل دعماً سعودياً على
أعلى المستويات للبنان، وهو ما يحتم على الحكومة تفادي الإقدام على أي
خطوة من شأنها أن تستفز المجتمعين العربي والدولي، فيما لبنان أحوج ما يكون
إلى دعمهما بكافة الإمكانات.