الحريري فكّر بالاستقالة… لكن هذا ما حصل!
فيما لبنان لا يزال يتراقص على حبال حادثة قبرشمون لليوم الثالث على التوالي، ومع ان المواقفالداعية الى الهدوء والتحلّي بالحكمة لمعالجة تداعيات ما حصل حجزت المساحة الاكبر من المشهد السياسي، كانت السهام السياسية تُطلق من منصّة وزارة الخارجية باتّجاه الحكومة المُفترض انها حكومة وحدة وطنية في وقت البلد احوج ما يكون الى الكلمة الطيّبة المسؤولة لا تبادل الرسائل المُفخخة.فقد اختار وزير الخارجية جبران باسيل قصر بسترس لتوجيه رسائل سياسية واضحة قبل انعقاد جلسة مجلس الوزراء التي كانت مقررة امس في السراي الحكومي، وعقد اجتماعاً لوزرائه في مكتبه في الوزارة استمر لاكثر من ساعة متجاوزاً توقيت عقد الجلسة، في ابلغ رسالة قرأ الجميع ما بين سطورها بان سلاح الثلث المعطّل بيده وانه قادر على إسقاط الحكومة ساعة يشاء، قبل ان يعود وزراء تكتل “لبنان القوي” تباعاً الى السراي الحكومي كان اوّلهم وزراء رئيس الجمهورية، سليم جريصاتي، البير سرحان منصور بطيش، وحسن مراد.حقيقة ما حصل في الساعتين اللتين سبقتا اعلان الرئيس الحريري إرجاء جلسة الحكومة تكشفها اوساط سياسية متابعة لـ”المركزية” بقولها “ان الرئيس الحريري عندما علم بإجتماع قصر بسترس بادر الى الاتّصال بالوزير باسيل مبلغاً ايّاه انه اذا لم يلتحق الوزراء المجتمعون في الخارجية بالجلسة، سيكون له موقف مهم تردد انه ربما الاستقالة من الحكومة لقطع الطريق على تكرار سيناريو العام 2011 عندما استقال وزراء الثامن من آذار من الحكومة مع الوزير الملك عدنان السيد حسين (شيعي) من حصة الرئيس ميشال سليمان عندما كان الحريري مجتمعاً مع الرئيس الاميركي باراك اوباما في البيت الابيض. عندها سارع وزراء الرئيس ميشال عون الى الالتحاق بالجلسة لتأمين النصاب ليُعلن الرئيس الحريري بدء الجلسة ثم تأجيلها”.وقالت الاوساط “حسناً فعل الرئيس الحريري بتأجيل الجلسة، لانها كانت جلسة متفجّرة مزروعة بالالغام بسبب الاجواء المشحونة”.وسلكت اجواء التهدئة طريقها من السراي نحو ميرنا الشالوحي، وتحديداً المقر العام لـ”التيار الوطني الحر” حيث عُقد اجتماع عصراً تكتل “لبنان القوي” برئاسة باسيل. وبدا لافتاً مواقف الاخير التي انطوت على التهدئة.وتكشف الاوساط “ان ما حصل قبيل وبعد إرجاء جلسة الحكومة وما تبعها من مواقف هادئة للوزير باسيل هو نتيجة لرسائل خارجية وردت الى المعنيين بوجوب طي ما جرى في الجبل وترك الاجهزة الامنية والقضائية تلعب دورها في تحديد المسؤوليات ومحاسبة المرتكبين وعدم استغلال الحادثة لتسجيل الاهداف السياسية”.وتكشف الاوساط السياسية “ان الرسائل الخارجية انطوت على وضع خطوط حمر حول الزعيم الدرزي وليد جنبلاط لا يجوز تجاوزها، وعدم المسّ بالتوازنات الدقيقة والحسّاسة التي حكمت الجبل ولا تزال. من هنا تراجع الجميع عن المواقف الصدامية العالية والتهديد بالويل والثبور اذا لم تُحل حادثة قبرشمون الى المجلس العدلي”.وفي السياق، اكدت اوساط اشتراكية “ان جنبلاط لن يُهادن وسيواجه اي محاولة لاستهدافه وتهميشه وبالتالي ضرب وحدة الجبل وتفكيك الاواصر لاستسهال النيل منه”. الا ان اوساط “الوطني الحر” نفت ما يُروّج في هذا المجال”، موضحةً “ان زيارة باسيل الى الجبل تأتي في سياق جولات يقوم بها لفتح مراكز للتيار بعد عملية انضواء جديدة في صفوف الحزب في سائر المناطق”، وهو ما اكده من خلال سلسلة مواقف اشار فيها الى مد اليد لمن يريد ان يحسن صورة الجبل.