رقعة العقوبات على “حزب الله” تتّسع ”إستراتيجية” عون… توضيح لا يلغي التصريح
في بلد غارق ومستغرق في التعطيل والمناكفات، تتآكله الأزمات من الكهرباء إلى النفايات، تتهدده الأجندة الإيرانية بزجّه على خريطة المواجهات والعقوبات، واقتصاده يترنح على شفير الانهيار وقد سجل بالأمس تراجعاً دولارياً في تقييم السندات وسط ترقب لما ستخرج به وكالة “ستاندرد أند بورز” الجمعة على مستوى جديد تصنيفه الائتماني… لم تكن تنقصه “دردشات” تزيد “في الطين بلة” مع البلبلة التي أحدثها رئيس الجمهورية ميشال عون من خلال كلامه عن الاستراتيجية الدفاعية. وإثر تفاعل كلام عون داخلياً وخارجياً باعتباره بدا تنصلاً واضحاً للقائد الأعلى للقوات المسلحة من التزامه السابق، بالتوصل إلى استراتيجية دفاع وطنية لحساب تشريعه ديمومة دوران سلاح “حزب الله” خارج فلك الدولة ومؤسساتها الشرعية، سارعت دوائر قصر بعبدا إلى “ترقيع” تصريح الرئيس عبر سلسلة تسريبات وتصريحات شملت وزير الدفاع الياس بوصعب الذي لم يرَ في موقف عون تراجعاً عن التزاماته السابقة، وصولاً إلى صدور بيان توضيحي عن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية، تقاطعت مختلف الأوساط عند وضعه في إطار ”التوضيح الذي لم يلغِ التصريح” إنما على العكس من ذلك عاد فأكد على مضمون الحديث عن ربط مصير لبنان بمصائر الدول المجاورة، ما يحتم بحسب “استراتيجية” عون الخوض في مقاربات جديدة لها.
وقبل التوضيح وبعده، بقي موقف رئيس الجمهورية المستجدّ حيال ملف الاستراتيجية الدفاعية مدار أخذ ورد على الساحتين الداخلية والديبلوماسية ما دفع بأوساط معنية إلى الإعراب لـ “نداء الوطن” عن أسفها إزاء “مقاربة ملف سيادي بحجم استراتيجية الدفاع الوطني بهذا الشكل، سيما وأنّ قراراً استراتيجياً من هذا النوع لا يمكن لأحد أن يشطبه ”بشحطة قلم” إنما هو قرار وطني ثابت لا يجب أن يخضع للمزاجيات ولا لأي حسابات، تغلّب الأمر الواقع وتكرّس منطق الدويلات على منطق الدولة”. وإذ توقفت هذه الأوساط عند “الخلفيات التي أملت على رئيس الجمهورية تبديل موقفه، من داعم للاستراتيجية الدفاعية في حكومة العهد الأولى إلى ما قاله بالأمس”، أعربت في الوقت عينه عن اعتقادها بأنّ أسباباً عدة قد تكون دفعته إلى إثارة مسألة الاستراتيجية الدفاعية من هذه الزاوية، ولعل أبرزها ما تردد من تساؤلات في ظل تزايد وتيرة الحديث عن عقوبات أميركية يمكن أن تشمل حلفاء “حزب الله”، عما إذا كان عون أراد بكلامه هذا إيصال رسالة استباقية إلى صندوق بريد الأميركيين مفادها: “إذا وضعتمونا في المركب نفسه مع ”الحزب” فسنلعبها “صولد” والتصعيد سنقابله بتصعيد”.
ومن واشنطن، عاد رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أمس إلى بيروت تمهيداً لاستئناف دوران عجلة العمل الحكومي ابتداءً من جلسة عادية في قصر بيت الدين الخميس، وأخرى استثنائية الثلثاء المقبل مخصصة لبحث ملف أزمة النفايات ووضع خريطة طريق لمعالجتها، وإن كان الحريري عبّر، فور وصوله إلى مطار رفيق الحريري الدولي للإشراف على افتتاح مرحلة جديدة من مراحل توسعة المطار، عن امتعاضه من الفرز الطائفي الحاصل في مقاربة النفايات.
أما عن العقوبات الأميركية، فاستغرب رئيس الحكومة استفساره عن الموضوع من قبل مراسلة “أو تي في” قائلاً: ”لست أنا من يحدد العقوبات”، ليضع تالياً الحملة التي تعرض إليها أثناء تواجده في واشنطن في خانة “العادة في لبنان حيث كل من يقوم بأمر إيجابي يأتي من يقابله بالسلبي”.
وبالحديث عن العقوبات، وبينما لفت المبعوث الأميركي الخاص بإيران بريان هوك خلال مؤتمر صحافي عقده أمس إلى أنّ بلاده نجحت في تجفيف عائدات النفط الإيراني وتضييق الخناق على “حزب الله” الذي قال إنه “بات يطلب التبرعات من مناصريه بعدما كان يتلقى من طهران 700 مليون دولار سنوياً”، لوحظ خلال الساعات الأخيرة اتساع رقعة العقوبات على “الحزب” لتشمل أميركا الجنوبية بعد أميركا الشمالية، وذلك بعدما أدرجت الباراغواي “حزب الله” و”حركة حماس” على القائمة الإرهابية نفسها مع كل من “القاعدة” و”داعش”، حسبما نقل وزير داخليتها خوان إرنستو فيلامايور، وسط تأكيد بلاده تعاونها “بشكل حاسم في الحرب العالمية ضد الإرهاب” وأن حكومة رئيس الباراغواي ماريو عبدو بينيتز (اللبناني الأصل)، ستقوم بمزيد من الخطوات المالية لمكافحة الإرهاب خصوصاً وأنّ لدى أجهزتها الأمنية والاستخباراتية معلومات عن العلاقة بين “حزب الله” ومنظمات إجرامية في المدن الحدودية”، حسبما جاء في بيان وزير الداخلية في إشارة إلى منطقة الحدود المثلثة مع البرازيل والأرجنتين.
وكانت وكالة Bloomberg للأنباء، قد نقلت معلومات تفيد بأنّ البرازيل تفكر باتخاذ إجراء مماثل لما اتخذته الباراغواي، وقبلها الأرجنتين حيال تصنيف “حزب الله”، كاشفةً أنّ حكومة الرئيس البرازيلي، جايير بولسونارو ”تقوم حالياً بتحليل خياراتها للمضي قدماً في هذا الاتجاه
نداء الوطن