“قانون قيصر”: لبنان دولة خصم ولا عطف على المسيحيين
في ذكرى التحرير في 25 أيار عام 2019، كان الوزير جبران باسيل يتجول في البترون مع رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأميركي، أليوت أنغل. فباسيل يسير بين النقاط، حذراً في مواقفه وخياراته: يحتفظ باتفاق استراتيجي مع إيران، في مقابل تباعد تكتيكي مع سوريا، فلا يفوت فرصة من دون استغلالها. وهذا تتفهمه منه طهران.
دولة حزب الله
أليوت
أنغل – الذي تربطه علاقة قوية وشخصية برئيس الجمهورية ميشال عون وصهره
جبران باسيل – هو أحد أبرز معدّي “قانون قيصر”. وهذا لا يرتبط بحفلة
الانتقاد العوني لحزب الله، والتي توقفت عند حدود سلعاتا.
يفترض بقانون قيصر التأسيس لمتغيرات لبنانية كثيرة. الإطار الكبير تغير: ما قبل كلام ديفيد شينكر وما بعده، والذي استكملته السفيرة الأميركية قائلة بوضوح: “سيكون هناك سلة من العقوبات التي ستطال المتورّطين بالفساد” و”العقوبات تستهدف حزب الله لكنها قد تشمل أيضاً أولئك الذين يساعدون حزب الله ويدعمونه. كذلك سيكون هناك فئة جديدة من العقوبات التي ستدخل حيّز التنفيذ في الأول من حزيران، وستطال قتلة المدنيين في سوريا. قد تكون هناك بعض الأطراف هنا متورطة في سلة العقوبات هذه أيضًا”.
لكن هناك مشكلة جدية لدى محور الممانعة: منذ انتخاب ترامب لم يقتنع أن السياسة الأميركية تتغير. بقي ديفيد هيل واليزابيت ريتشارد في سياق سياسة أوباما. وبدأ التحول مع الدور الذي اضطلع به شينكر، والسفيرة الجديدة دورثي شيا. أميركا مقتنعة أن الدولة اللبنانية ليس تحت جناحها، بل تحت سيطرة حزب الله.
لم تنجح محاولات الفصل بين لبنان وحزب الله. وتشكلت الحكومة
الأخيرة للقول إن الوزراء جميعاً بإمرة هذا الحزب. لذا لم يعد لبنان دولة
صديقة للولايات المتحدة الأميركية. بل هو دولة خصم، فيها شعب صديق. وتشمل
هذه النظرة الأميركية إيران، التي عايد ترامب شعبها في عيد النوروز. ولا
تتعامل أميركا مع لبنان بوصفه دولة تحظى بنوع من العطف على الأقلية
المسيحية. وغياب هذا العطف سيظهر في المرحلة المقبلة، وخصوصاً بموجب
العقوبات التي يفرضها قانون قيصر.
دعم الجيش والجامعات
يتركز
الهم الأميركي على تقديم الدعم اللوجستي للجيش اللبناني، والمساعدات
للجامعة الأميركية والجامعة اللبنانية الأميركية، وطلابهما. حتى اليونيفيل
واستمرار عملها في لبنان، هناك وجهة نظر أميركية ضدهما. صحيح أن قوات
اليونفيل مدِّد لها في جنوب لبنان، ولم تعدل مهامها. لكن هناك ما قد يدفع
الأميركيين إلى اتخاذ قرار بوقف المشاركة في دفع تكاليف هذه القوات
الدولية. هذا ما كان قبل قانون قيصر وتداعياته، والذي سيطبق على مراحل
متقطعة، أي بالتقسيط المريح، وغب الطلب السياسي.
“قيصر” والرئاسة وسوريا
التداعيات
السياسية لهذا القانون ستكون أكبر من التدعيات الإجرائية: رفض أميركي
لوصول أشخاص بعينهم إلى رئاسة الجمهورية، كسليمان فرنجية مثلاً. أما جبران
باسيل فبدأ يحاول التمايز في مواقفه. وهناك من يرصد فتوراً واضحاً بينه
وبين النظام السوري. لكن ورقة فرض عقوبات على باسيل، تبقى قابلة للتلويح
والابتزاز. يعرف باسيل ذلك، ويعرف كيف يسير بين النقاط.
يمنع قانون قيصر الدولة اللبنانية من دفع العملة الصعبة إلى الدولة السورية. وهذا يعني وقف استجرار الكهرباء من سوريا، وكل أنواع التجارة بين الدولتين. والخطر الأكبر إذا اتهم المصرف المركزي السوري بتبييض الأموال. وهذا يعني إقفال كل المصارف اللبنانية في سوريا، وإلا ستكون عرضة للعقوبات.
قسم كبير من القانون يتعلق أيضاً بمنع أي دولة أو شخص أو مؤسسة من تقديم أي مساعدة لسوريا في مجالات الطاقة. وهذا أيضاً قد ينعكس على شركات البترول في لبنان، بحال استمرت عمليات التهريب. وبحال لم يحصل ذلك، فإن الأميركيين سيضغطون لرفع الدعم عن البنزين والمازوت، لترتفع أسعاره وللحد من عمليات التهريب.
المدن