لبنان يغرق ! من ينقذه؟
الدكتور مروان أبو لطيف*
خلال الحرب الاهلية ومتفرعاتها وحروب تصفية حسابات الآخرين عندنا ، والتي بدأت عام ١٩٧٥ وانتهت عملياً باتفاق الطائف … كان لبنان يحترق .
كثيرون ساهموا في تأجيج النار وصب الزيت ونفخ الهواء ،وكثيرون ساهموا في الإطفاء والتبريد ، التاريخ سيذكر هؤلاء واولئك ، والاجيال القادمة ستحكم . منذ عام ١٩٩٠ وحتى ٢٠٠٥ كانت مرحلة نفض الرماد ،كثيرون ساهموا في ذلك وكثيرون ذروه في العيون . بعدها رُمي لبنان في بحر الصراعات الاقليمية من جديد فخاض غمار اعصار حرب تموز العدوانية ، ثم كاد يعود الى أتون الحرب الاهلية ، ثم ضربته أنواء الارهاب التكفيري ، ورغم هشاشة الاشرعة ظل المركب يبحر ضمن خطة الابتعاد عن العواصف او بالاحرى ابعاد العواصف عنه ، ريثما تتوضح الخارطة الاقليمية الممتدة من العراق وسوريا الى اليمن وليبيا .
يبدو جاء دورنا بعاصفة من نوع آخر هي العاصفة الاقتصادية ورياح الدولار العاتية .لم تتعظ المنظومة الحاكمة من انذار ١٧ تشرين اول ٢٠١٩ ، ولم تقدم على حلول جوهرية ، بل اثبتت بإتيانها بالحكومة الحالية سواء بالرضى عليها او بالسكوت لتوريطها انها عاجزة عن ارساء الحد الادنى من مقومات الدولة .فلا كهرباء ولا محاربة جدية للفساد ولا قضاء مستقل ولا تعيينات على قاعدة الكفاءة ولا فتح ملفات حقيقية ولا محاسبة ،بل شراء للوقت الضائع وانتظار لتعليمات المخططين الكبار وتربص ولعب بالنار ورقص على حافة الهاوية ومكابرة غير مسبوقة في الاستمرار بالحكم بالطريقة القديمة البالية . ما انجز في هذه الفترة فقط هو طبع كم كبير من العملة الورقية لإيهام الناس بان المال متوفر في المصارف وبين ايديهم فوقعنا في فخ التضخم وانهيار قيمة العملة وجنون ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء الفالتة على غاربها بسبب عجز المصرف المركزي عن ضخ الدولارات للجم الفلتان والمضاربة ، او على الاقل لضبط الامور ضمن حدود ما يستطيع هذا الشعب المسكين تحمله . المنظومة الحاكمة ملزمة باجتراح الحلول فالاشرعة تمزقت والمركب يغرق بمن فيه ، وهي وان تكن آخر الغارقين لكنها غارقة لا محالة ، وكل فريق سيبحث بعدها عن جزيرة صغيرة يسبح اليها عارياً .
فرص الانقاذ تتلاشى . البلد بحاجة الى رجال دولة يحكمون ، وإلا على لبنان الذي عرفناه السلام !
طبيب وكاتب