الحريري لعون: إما التعاون أو مواجهة تخرّب عهدك
لا يزال التفاؤل مخيّماً على بيت الوسط. كذلك في عين التينة.. بينما لا شيء واضحاً في بعبدا.
تشير
حركة الرئيس سعد الحريري إلى أنه متمسك بإنجاز حكومته قبل نهاية الأسبوع.
التقى رئيس الجمهورية ميشال عون في يومين متتاليين، إصراراً منه على
الإنجاز. في لقاء يوم الأحد قال الحريري لعون إنه لم يدخل في أي تسوية مع
أي طرف: “ولم أدخل في أي اتفاق، وأنا جاهز للتعاون معك. وبحال أردت
المواجهة، فالمواجهة سهلة في السياسة ولكن أنت ستكون أكبر الخاسرين لأن هذا
عهدك”. ردّ عون أنه يريد التعاون، وفق مبدأ وحدة المعايير، بمعنى أن
الحريري كان قد توافق مع الثنائي الشيعي ووليد جنبلاط على كيفية تمثيلهم،
فلا يريد عون أكثر مما جرى بين الحريري وتلك الأطراف.
التسهيل أم التعطيل؟
رد
رئيس الحكومة المكلف بأنه لم يبرم أي تفاهمات، بل همه تشكيل سريع للحكومة
تكون مهمتها الإنقاذ، والسعي في سبيل تطبيق الخطة الإصلاحية، ومن دون
الدخول في مواجهات لن تؤدي لغير المزيد من الانهيار. تصف المصادر أن عون في
موقف حرج. فلا يمكنه التعطيل والظهور أمام الرأي العام المحلي والدولي
بوصفه المعطِّل والمعرقِل. والظروف الضاغطة تحتم عليه التعاطي بواقعية
وتسهيل المهمة. وتعتبر المصادر أن عون يتعرض لضغوط من قبل رئيس التيار
الوطني الحرّ، جبران باسيل، غير القادر على الظهور بمظهر الطرف المقرر
والحاضر في واجهة عملية التشكيل، كما كان سابقاً.
تظهر هذه التطورات التحول في دور عون وتأثيره، من طرف كان هو
الذي يصنع ما يريد، وفق ما جرى في حكومة حسان دياب، إلى طرف يمتلك قدرة
تعطيلية، وتسهيلية بالوقت نفسه. أمام هذا الواقع، هو مضطر للتعاطي بنفَسٍ
تسهيلي مع استمرار محاولاته لتحسين شروطه أولاً من خلال شكل الحكومة
وحجمها. إذ يضغط في سبيل رفع عدد الوزراء إلى عشرين، بدلاً من 14 و18.
وتفيد المعلومات أن هذا الخيار هو الأقرب إلى الواقعية، فيما ينتقل البحث
فيما بعد إلى كيفية توزيع المواقع الوزارية. يريد عون أن يكون له ما كان
للثنائي الشيعي. وهو في الأساس كان يصرّ على المداورة الكاملة شاملة وزارة
المال، تماماً كما كان موقفه في فترة تكليف مصطفى أديب بتشكيل الحكومة.
“الثنائي” والراعي
بما
أن الثنائي الشيعي يصر على وزارتي المال والصحة، فإن ذلك قد يسقط مبدأ
المداورة. ما سيدفع عون مثلاً إلى التمسك بوزارة الطاقة. وكما أن طريقة
اختيار الوزراء الشيعة ستكون بتسليم لائحة إلى الحريري ليختار من بينها،
فإن هذا أيضاً من المفترض أن يسري على عون. وهنا يستمر باسيل بإيجاد وسيلة
ومبرر لتدخله ووضع لمساته في اختيار أسماء هؤلاء الوزراء. بحال كانت
النوايا جدية في تشكيل الحكومة، وعدم الركون إلى معطيات وقراءات إقليمية،
أو الرهان على الانتخابات الأميركية، والمماطلة إلى ما بعدها لإنجاز عملية
التشكيل وتغيير وجهتها، يفترض أن تتشكل الحكومة خلال الأيام القليلة
المقبلة.
حاول رئيس الجمهورية تعزيز موقفه بالاستناد إلى موقف البطريرك الماروني، بشارة الراعي، والذي دعا الحريري إلى عدم إدارة ظهره إلى المسيحيين، والتمسك بالطائف والميثاق. ويطالب الراعي بتكريس المداورة، وعدم تكريس ما يعاكسها في أي وزارة.
هذا الموقف الذي يحاول عون وباسيل الإستناد عليه لإحراج رئيس الحكومة، سيلتف الحريري عليه من خلال وضع الراعي في صورة ما يجري، وشرح وجهة النظر التي يؤكد فيها أنه لا يدير ظهره للمسيحيين، إنما إيضاح كل الحيثيات التي يعمل عليها لتجنب أي عملية عرقلة أو تعطيل.
المدن