كتب نقولا ابو فيصل بين زورق ونعش ……نزيف وجنون جماعي
تشتم رائحة الموت في لبنان في كل مكان ، من موت الضمير، الى موت النفسية، الى موت الاخلاق، الى موت القيم ، وصولاً الى موت الانسان، ويبقى هذا الوطن مفتوحاً على كل الازمات ، ومنها أزمة المتاجرة بالبشر والهجرة غير الشرعية عبر البحر ، مع تسجيل تقصير كبير من الاجهزة الامنية في مكافحة عصابات التهريب ، وتقصير أكبر من السلطة السياسية في العمل على معالجة جذور المشكلة نظراً لصعوبات العيش وانسداد الأفق التي يعاني منها المجتمع اللبناني ، وبالاخص سكان مدينة طرابلس ، المدينة الافقر على حوض البحر الابيض المتوسط بسكانها ، والاغنى برجال السياسة فيها ، وكلنا يعرف القاعدة العامة التي تقول انه كلما ازداد غنى الحكام ازداد فقر الشعب ، وطرابلس الفيحاء خير دليل .
ورغم ان عمليات البحث والإنقاذ لا تزال مستمرة وفي حين أعلن التلفزيون السوري أن عدد ضحايا قارب الموت الذي انقلب قبالة مدينة طرطوس، بعد إبحاره من لبنان، ارتفع إلى 94 ضحية من اصل 150 مفقودا بعد انتشال عدد من الجثث من شاطئ بانياس عند ساحل البحر المتوسط معظمهم من النساء والاطفال الذين تمت المتاجرة بأرواحهم ، وما يحصل ليس هجرة غير شرعية بقدر ما هو هروب ونزيف جماعي أو جنون جماعي !! وهو مماثل لما يحصل في معظم دول البحر المتوسط من ليبيا وتونس والمغرب وصولاً الى الجزائر التي تشهد هذه الأيام نزوحاً كبيراً نحو أوروبا هرباً من الأوضاع المزرية التي تعرفها البلاد ، فالاوضاع الاجتماعية خانقة جداً هناك ، وحين نسأل الجزائرين أين هي اموال البترول والغاز يأتي الجواب بأن هذه الأموال تم تبذيرها على جبهة البوليساريو ، وعلى شراء الذمم .
معالجة مسألة الهجرة غير الشرعية والتصدي لشبكات الاتجار بالبشر، وعدم التوظيف السياسي لهذا الملف , واذا كانت الدول الاوروبية تسعى لمعالجة مشاكل الهجرة واللجوء، فإن عليها معالجة جذورها، سواء بتطوير وتعزيز آليات وخطط التدخل الإنساني في حالات الكوارث والنزاعات، أو بالدعم الاقتصادي والتعاون مع السلطات اللبنانية من أجل ردم الهوة الآخذة في الاتساع بين فئات الشعب الفقيرة والغنية ، وفي نظرة شاملة للأزمة، وبدون معالجة فاعلة ، فإنها ستبقى تؤرق العالم، ولن تنفع معها الحلول المبتورة، وسياسات الكسب السياسي القصيرة الامد.
اشارة الى احصاءات تؤكد ارتفاع العدد التراكمي للاجئين في العالم لما يزيد عن 82 مليون إنسان يستضيف لبنان منهم ما يقارب 2 مليون لاجئ سوري يستنزفون من ميزانيته ما يفوق 5 مليار دولار سنويًا، فيما تشهد معظم ارجاء الدولة السورية رخاءً امنياً ، ولا موانع امنية او لوجستية من عودة الاطفال والنساء ، اذا ما سلمنا جدلاً ان الرجال يعملون في السوق اللبناني منذ ما قبل الازمة السورية، ولا مشكلة في مراقبة عملهم تبعاً للاقامات السنوية التي يمنحها الامن العام ولإجازات العمل التي تمنح من وزارة العمل على غرار الجنسيات الاخرى العاملة في لبنان .
*كاتب ورئيس تجمع الصناعيين في البقاع