انطون صليبا الصناعي الحكيم الصامت…
كتب نقولا أبو فيصل*
من لا يعرف انطون صليبا يتعجب من صمته ثم يعجب بحديثه، ويزداد إعجابك به من طول صمته، فإذا تحدث تمنيت أن يطيل ولا يسكت، لتأنيه في اختيار المعنى والدلالة وأناقته في وضع الكلمة في المكان الذي تستحقه.
لذلك لا تملك إلا أن تعتب عليه لصمته المنصت ولتجاوزه الاقوال الخاطئة بحقه بإبتسامة هادئة.
ثم إذا وجهت إليه سؤالا تراه يشرح يوضح ويصحح ، بحيث يسأل كل مستمع نفسه لماذا إذن يصمت هذا الرجل ويترك الآخرين يثرثرون.
ربطني بالرئيس الفخري لتجمع الصناعيين في البقاع أنطون صليبا علاقتان :
الأولى علاقة حب مشتركة لوطن اسمه لبنان والتجذر بأرضه وهو الذي قضى خمسين سنة في خدمة الصناعة مع أقاربه وها انا انهي العام الحادي والثلاثين في مضمار الصناعة .
والثانية علاقة صداقة وإحترام
واحيانا تصبح رابطة الصداقة بين البشر من أقوى الروابط إذا أكرمك الله بصديق مثله
أقرأ في عينيه ظلما او عتبا من حين إلى آخر وبعض ما يكتمه من زعل من غياب ابنه الياس في موسكو وتصفية اعماله في المصانع التي ساهم في إعمار بنيانها.
يتكون لي انطباع عن طباع أبو الياس وأعتبره مثل السيل الموسمي، تستمتع بكلامه الأذن وتستفيد منه العقول إذا تحدث.
ذات يوم وصلتني دعوته لحمل راية الصناعيين في البقاع وللمشاركة في استنهاض الصناعة البقاعية فشعرت بسعادة كبيرة للتشريف وبهيبة أكبر للتكليف ،وقد حققت له طلبه وطلب الاخوة الصناعيين وحملت الراية .
فضلا عن كونه صناعي متخصص في الصناعات الورقية الا انه ابى الا ان يقحم نفسه وبفرح في خدمة الصناعة من ممثل لارباب العمل في مجالس العمل التحكيمية ولجان الاعتراض في وزارة المالية الى رئاسة اللجنة الصناعية في غرفة التجارة، وقد فعل ذلك ليس إعتزازا بالمقام بل لأن وجوده فيه أضاف عليه التهيب والإحجام.
لك كل التقدير وانت المستحق يا أبا الياس فأنت علم من أعلام الصناعة اللبنانية وصديق مخلص للصناعيين وأهل لكل تقدير وتكريم .
حفظك الله وأطال في عمرك ووفقك.
واذا كان من كلمة أخيرة اقولها لك :
ربما يا صديقي تكون قد خسرت اشياء كثيرة على الارض لكنك بالتاكيد ربحت السماء ،فأنت تعيش سماءك على الارض
أنت بأخلاقك وتواضعك وكرمك مثال لكل صناعي في لبنان ، لم تكبر ولم تتكبر رغم مكافاة الدنيا لك وازدهار صناعتك على مدى عقدين من الزمن .
*رئيس تجمع الصناعيين في البقاع مدير عام مجموعة غاردينيا غران دور