في هاتين الحالتين فقط يهدأ الدولار ويتراجع
على الرغم من وصول سعر صرف الدولار إلى مستويات غير مسبوقة في الأسبوع الماضي، فإن هذا الأمر لم يدفع إلى أي ردة فعل أو تحرك في الشارع، وكأن المواطنين قد تطبّعوا مع هذا الواقع، في حين أن المسؤولين عن تدهور العملة والإقتصاد والإنهيار يدركون طريق الإنقاذ، ولكن لم يقرّروا بعد سلوكها. وهنا، لا بدّ من التوضيح أن استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار هو أمر طبيعي اليوم، يقول الكاتب والخبير الإقتصادي أنطوان فرح، إذ يعتبر أنه “ليس مستغرباً بسبب ما يعيشه لبنان، وبالتالي، ليس من المفروض، وكلما ارتفع الدولار وبوتيرة عادية أن يطرح اللبنانيون دائما السؤال لماذا يرتفع الدولار، لأنه من المفروض عندما يتوقف ارتفاع الدولار لفترة طويلة، أن يطرح اللبنانيون السؤال عن أسباب عدم الإرتفاع في سعر الدولار واستقراره”. ويؤكد الخبير فرح ل”ليبانون ديبايت”، أن لبنان لم يبدأ بعد بخطة التعافي، ولم يتم انتخاب رئيس الجمهورية، أي ما من إنتظام سياسي وما من اقتصاد، والدولة مفلسة وما زالت تنفق من الأموال الموجودة، ولذلك، فان المسار الطبيعي لسعر الليرة هو الإستمرار في التدهور. لكن، بالإضافة إلى هذا العامل الطبيعي والمستمر، يدعو فرح إلى التنبّه إلى أن مصرف لبنان المركزي يتدخل في السوق وهو لاعب أساسي في هذا الموضوع، إذ أنه أحياناً عندما نرى أن سعر الدولار قد استقرّ لفترة طويلة، فإن ذلك يعود إلى عاملين، الأول، تدخل المركزي بقوة من خلال ضخ الدولارات، والثاني، أن يشهد لبنان موسماً سياحياً ناشطاً يساهم في تهدئة السعر بسبب تدفق الدولارات كما حصل في تموز وآب الماضي عندما تراجع السعر، ولكن خارج هذا الإطار، فإن القصة تصبح مرتبطة بمصرف لبنان”. كذلك، يكشف الخبير فرح عن معلومات، بأن مصرف لبنان في هذه الفترة لا يضخّ الكثير من الدولارات في السوق، كما أنه يقوم بشرائها، بدلالة أنه عندما يتراجع سعر الدولار في السوق بعد ارتفاع ملحوظ ويهدأ السعر، يكون السبب أن مصرف لبنان قد توقف عن شراء الدولارات. لكن فرح يشدّد على أن “هذا الكلام لا يعني أن مصرف لبنان هو الذي يتسبب برفع سعر الدولار، لكن، وبما أن المركزي هو لاعب أساسي، وهو مضطر لجمع الدولارات من السوق، ومضطر لضخ الدولارات في السوق عبر منصة “صيرفة”، يكون سعر صرف الدولار، وفي بعض تفاصيله، مرتبطاً بالسياسة التي يتبعها مصرف لبنان”. ورداً على سؤال عن الفترة المقبلة، يقول فرح، أنه “من حيث المبدأ فإن الدولار سيواصل ارتفاعه، إلا إذا تدخل مصرف لبنان وأوقف شراء الدولارات فعلياّ، وضخّ دولارات إضافية في فترة معينة وعندها يتوقف ارتفاع سعر الدولار، ومن الممكن أن ينخفض إلى حدٍ ما، ولكن إذا استمرت الأمور على حالها من التأزم، سيعاود الدولار الإرتفاع”. من جهة أخرى، يلفت فرح، إلى “أنه مع ارتفاع الدولار الجمركي ازدادت نسبة التضخم في البلد، وباتت الكتلة النقدية كبيرة وأصبحت تضغط على الليرة، وقد أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أنه قادر على جمعها والتحكّم بها عندما يريد، ولكن إلى اليوم لم يتدخل من أجل جمعها، وكذلك، لا يجب إغفال أن مطلع شباط المقبل سيشهد تغييراً في سعر دولار المصارف الذي سيرتفع من 8 آلاف ليرة إلى 15 ألفاً، ما سيؤدي إلى تراكم العوامل التي تؤثر نفسياً وعملياً على الليرة، والتي من حيث المبدأ مستمرة في الإنهيار والتراجع. |