كتب نقولا ابو فيصل “بين الشهادات العلمية والشهادات المزورة لا رقابة”
يبدو ان استغلال البعض الفرصة من خلال حصولهم على شهادات وهمية سواء استفادوا منها للتوظيف في المؤسسات الحكومية او الخاصة أو لم يستفيدوا ، وكان هدف حصولهم عليها هو فقط لأغراض السمعة والوجاهة والترويج لأنفسهم ، وقد بات التطرق الى هذا الموضوع ضرورة بعد أن بلغ الكيل الزُبى ، حيث اصبحت الشهادات العلمية والفخرية هدية للراقصات والمغنيات ،من هنا ضرورة الشروع في تعديل بعض المواد في قانون العقوبات اللبناني والمتضمنة عقوبات بحق هؤلاء وتضمينها عقوبات جزائية اضافية يمكن تطبيقها بمفعول رجعي على الحالات السابقة الحاصلة لاستفادة هؤلاء الاشخاص من الشهادات المزورة ، وربما نحن بحاجة الى مشروع قانون جديد يضمن تجريم هؤلاء بالاسم ومنع حصول اي خلل قد ينشأ من محاولة البعض الحصول على شهادات علمية وهمية تؤهلهم العمل في مهن بعيدة عن كفاءاتهم ، على ان تتشدد مواد هذا القانون في فرض العقوبة والتمييز بين المستفيدين من هذه الشهادات المزورة لاغراض التوظيف او الحاصلين عليها لأغراض السمعة والوجاهة وليس للكسب المادي.
وفيما ذكرت صحيفة الخليج ان ما يقارب 200 ألف شخص من جنسيات عديدة يعملون في دول الخليج العربي بشهادات وهمية! بعد أن تعدت تجارة الشهادات المزورة والوهمية بؤرها في العديد من دول العالم ، والسؤال ألا يستوجب موضوع استغلال الشهادات المزورة الاهتمام وعدم التمييع ؟ وهو جريمة بحق المجتمع حيث يعمل غير المؤهلين في وظائف ليسوا أهلاً لها، مما يؤثر سلباً في أداء العمل بكفاءة، وفي تقرير نشرته وكالة “CNN” الاميركية إن عدد الشهادات العلمية المزورة التي تباع في الولايات المتحدة الاميركية تجاوز 100 ألف شهادة سنويًا، ثلثها للدراسات العليا، كما يقول جورج جولين عضو مجلس الاعتماد الأكاديمي للتعليم العالي، وبحسب التقرير فإن 40000 طالب يحصلون سنوياً على شهادات من الجامعات الاميركية بصورة قانونية ، في المقابل هناك 50000 يشترونها بالمال ، أما وسائل الحصول على هذه الشهادات فهي عديدة تبدأ بشراء شهادات مُقلدة لجامعات معروفة، أو شراء شهادات مزورة لجامعات حقيقية عبر رشوة أحد العاملين في هذه الجامعات لإدراج ملفات في قائمة بيانات الجامعة على النحو الذي يبدو من خلاله أن الشخص قد حصل بالفعل على شهادته من تلك الجامعة ، وفي روسيا لا يختلف الوضع كثيرًا عن أمريكا حيث تنتشر ظاهرة بيع الشهادات العلمية من خلال بعض الجامعات الرسمية الحقيقية بسبب انتشار الفساد في النظام التعليمي الروسي لتحقيق مكاسب مادية، كما أن هناك آلية لتفعيل هذه الظاهرة، حيث ان لكّل بحث علمي سعراً معيناً.
إن تزوير الشهادات الجامعية هي ظاهرة اجتماعية خطيرة بحاجة إلى وضع حلول مناسبة لها تمنع ضعاف النفوس من استغلالها من خلال مراقبة هذه الشهادات المزورة وتقصي مصادرها ،وتشديد العقوبات بحق المزورين، وبحق اصحاب دكاكين بيعها ، ومع اتساع ظاهرة تزوير الشهادات والتسميات الوهمية ومنح الشهادات الفخرية يجب على وزارة التربية وكل الجهات الحكومية في الدول العربية التعاون فيما بينهم وتشكيل لجنة تدقيق في الشهادات لمحاسبة ومساءلة المزورين وللتأكد من صحتها خاصة تلك التي تقدم للوظيفة او التي ينشرها اصحابها على مواقع التواصل الاجتماعي احتفالاً بالحصول عليها ويجب محاربة تلك الظاهرة والقضاء عليها ، والارتقاء بالواقع الثقافي ، والتعليمي نحو الريادة والجودة والأبداع ومحاربة كل صور الفساد ، وإيقاع أشد العقوبات بحق من ينتحل صفة سفير أو مستشار أو دكتور كذبًا وزوراً وبهتاناً
*كاتب وباحث ورئيس تجمع الصناعيين في البقاع