“طائف مالي” وخيار رئاسي ثالث
لا يبدو أن المزيد من أشهر الفراغ الرئاسي، سيكون قادراً على تغيير المعطيات الداخلية المتعلقة بالمشهد الرئاسي، بعدما بات من الواضح أن قرار التسوية الرئاسية قد خرج من يد اللبنانيين، ولكن من دون أن يصبح الحراك الذي باشره سفراء الدول الخمس التي اجتمعت من أجل لبنان في باريس، هو الأساس في تحديد إطار أي دينامية ديبلوماسية، انطلقت بعيداً عن أي ضجيج، وذلك في الكواليس الإقليمية، وتحديداً في القنوات الأميركية، كما السعودية – الإيرانية. وفي هذا المجال، تكشف مصادر ديبلوماسية مطلعة، عن أن السعودية تترقب مسار الأوضاع في اليمن، والتي ما زالت في بداياتها، بانتظار ترجمة الوعود الإيرانية إلى أمرٍ واقع على الأرض، من خلال صيغة رسمية، وليس فقط تعهّد كلامي، وعلى هذا الأساس، تتأنّى الرياض.
ومن الطبيعي أن الإستحقاق الرئاسي يسير على إيقاع مستجدات الملف اليمني بين طهران والرياض، وفق ما تقول المصادر الديبلوماسية ل”ليبانون ديبايت”، والتي قد تتطلّب المزيد من الوقت لكي تتبلور، ما يعني ان الشغور الرئاسي سيطول، وستزداد معه المخاوف والمخاطر على الساحة اللبنانية، كلما تقدّم الوقت وتراكمت الإنهيارات.
ورداً على سؤال، عن مدى القدرة على الصمود بعد قبل الإنفجار الكبير، تتحدث المصادر الديبلوماسية، عن دورٍ فرنسي يظهر تباعاً في بيروت، تضطلع به السفيرة الفرنسية آن غريو، عبر جولات على المرجعيات، واجتماعات بعيدة عن الإعلام، تحضيراً لزيارة المستشار الرئاسي في الإيليزيه باتريك دوريل، في الأيام المقبلة، من أجل وضع خلاصات اللقاءات التي قامت بها سفيرة بلاده على طاولة النقاش، تمهيداً لرسم ملامح أي حلول ممكنة.
في المقابل، فإن المصادر عينها، تتحدث عن أولوية مختلفة لواشنطن في لبنان، عن أولويات الدول الأربع، حيث أن العنوان المالي هو الأساس، من أجل السماح بتمرير مرحلة الفراغ الرئاسي، وتفادي أي خربطة قد تبدأ مالية وتنتهي أمنية، ويتظّهر هذا التوجّه بشكلٍ خاص، التركيز على توقيع الإتفاق مع صندوق النقد الدولي، والذي ما زال متعثراً، بسبب غياب البحث في الإصلاحات أو الشروط المطلوبة لتمرير الإتفاق، مع العلم أن الواقع المالي والإقتصادي كما الإداري، يتّجه نحو هذه الإصلاحات ميدانياً، وتحت ضغط الإنهيار، رغماً عن إرادة الأطراف التي تعارض الإتفاق مع الصندوق، وتعرقل الإصلاحات منذ سنوات. ومن هنا، فإن أولوية الإتفاق مع الصندوق لدى واشنطن، تستحضر الأولوية التي سجلت قبل ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل.
وبالتالي، بات الملف الرئاسي عالقاً بين عدة مسارات، الأول أميركي، يركِّز على خيار صندوق النقد ويضغط لإجراء الإصلاحات، فيما “حزب الله”، الذي رفض ثم وافق على الترسيم بقرارٍ براغماتي، قد يختار السير بالإتفاق مع الصندوق، ولكن ليس من دون مقابل.
أمّا المسار الثاني، تُضيف المصادر، فهو يتمثل بالحركة العربية المرتبطة بالحوار السعودي – الإيراني، بينما يتمثل المسار الثالث الأوروبي، بضغط التحقيقات القضائية.
وإزاء هذه اللوحة، يُصبح من الممكن القول، إن الإستحقاق الرئاسي قد دخل في مرحلة الخيار الرئاسي الثالث، وبالتالي، الحسم، بحسب المصادر، التي لا تنكر أن خيار رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية “يريح المنظومة”، فهل توافق واشنطن على فرنجية مقابل الإتفاق المالي مع الصندوق، فيكون لبنان أمام “طائف مالي”؟
ليبانون ديبايت