كتب نقولا أبو فيصل “بين الحب والمحبة في المسيحية والعهد الجديد”
المحبة هي نوع من أنواع الحب الذي لا حدود ولا شروط له ، وهي تختلف عن الحب البيولوجي السائد بين البشر ، وقد أعطت المسيحية الاهتمام الكبير للمحبة بأن جعلتها الشريعة الوحيدة المحرّرة من كل شيء ، وهي حرية الإنسان الحقيقية التي توصل لله ، وفي حين يُعتبر الله نفسه هو المحبة فإنه أظهر محبته للعالم بأنه بذل إبنه من أجل العالم “ يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون ” (لوقا 23 :34)، كما دعا المسيح البشرية إلى ممارسة المحبة الكاملة حتى تجاه الأعداء” أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم، أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ ” (متى 5: 44) وهكذا نجد المحبة هي نواة إيمان المسيحي المؤمن المتواضع ” من أراد أن يصير فيكم عظيماً يكن لكم خادماً ” (مرقس10 :43)
والمحبة في المسيحية تختلف تماماً عن مفهوم الحب في الدنيا فهي ليست محبة مادية او شهوانية او رومانسية ولا عاطفية ، بل محبة قائمة على العطاء للآخر، تتأنى على الآخر وترفق به وتتحمله ولا تتفاخر عليه ” طوبى للرحماء لأنهم يُرحمون” (متى 5 :7) والمحبة هي البذل والتضحية ، نعم هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد (يو3: 16)، والحب فی المسيحية ليس يوماً نحتفل به بل هو اسلوب حياة ، الله ساكن فينا بعد أن بذل ذاته عنا . بالمحبة لا يجب أن نتفاخر بشيئٍ ولا نطلب شيئاً لانفسنا ، ولا أن نحقد أو نظن السوء بأحدٍ ولا أن نفرح بالإثم، بل بالحق ، وأن نحتمل كل شيء، وأن نصبر على كل شيء ، المحبة لا تسقط أبداً ( 13: 4)وأن نحب الله معناه ان نسّلم أن “ما هو عند الناس غير مستطاع لكن عند الله كل شيء مستطاع” (متى 19 :26)
وفي الكتاب المقدس يقول الرب يسوع : “أحبوا بعضكم بعضاً: ليحب بعضنا بعضاً، لأن المحبة هي من الله (يوحنا الأولى 4: 7) يتابع الرب يسوع ” لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ من هذَا أَنْ يَضَعَ نفسه لاجل أحبائه (يوحنا 15: 13) وعندما سأله تلاميذه : ما هي الفضيلة العظمى في الناموس ؟ قال لهم هي المحبة: “أن تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل فكرك ومن كل قوتك (تث 6: 5). وأن “تحب قريبك كنفسك” تلاه قول بولس الرسول في رسالته إلى أهل رومية (12: 10)”وَادِّينَ بعضكم بعضاً بالمحبة الأخوية مُقَدِّمِينَ بعضكم بعضاً فِي الكرامة” وأختم مع قول القديس أغسطينوس “أحبب، وأفعل بعد ذلك ما تشاء”.
بحث نقولا أبو فيصل