نقولا أبو فيصل يكتب “خبز اللافاش الارمني والحب في صناعته”
“من كتاب “أرمينيا موت وحياة تتجدد
Armenia death and life renewe
وفقاً للميثولوجيا الأرمنية كان “فاهاكن” إله الحرب والنار والقوة ذاهباً للزواج من آلهة الربيع والحب والماء آستغيك التي فاق جمالها جمال الأرض والسماء مجتمعتين ،وفي الزفاف حضر ضيف الشرف المبجل الإله آرامازات , إله جميع الآلهة, ووضع قطعة من خبز اللافاش الأبيض على كتف الآلهة آستغيك لمباركة هذا الزواج ليكون مكللاً بالنجاح والحظ الطيب.. وفي الطريق نحو منزل فاهاكن سقط اللافاش من على كتف الآلهة آستغيك التي كانت متحمسة جداً بزواجها الوشيك لدرجة أنها لم تلاحظ سقوط خبز اللافاش, و هو أمر أغضب أبو جميع الآلهة آرامازت الذي قال لآستغيك “من تُسقط الخبز على الأرض لا يمكن أن تكون زوجة وأماً !” وعليه تم إلغاء الزفاف على الفور ولم يتمكن إله المحاربين فاهاكن من الزواج من الآلهة المنبثقة من الماء آستغيك وبشكل مؤسف ومحزن ظلّا عشّاقاً الى الابد ، وحتى الآن تمشي النساء الأرمنيات في الأعراس الأرمنية بحذرٍ شديدٍ من أجل الحؤول دون سقوط خبز اللافاش من على اكتفاهن ولكي لا يكون مصيرهن تعيساً مثل الآلهة آستغيك
في تقرير نشرته شبكة سي إن إن الاميركية حول أفضل 50 صنف خبز في العالم ، جاء اللافاش الارمني ثانياً في القائمة المتضمنة كلاً من أفغانستان ، البرازيل ، مصر ، أستراليا ، بنغلاديش ، كندا ، تشيلي ،الصين ، إثيوبيا ، أرمينيا والعديد من البلدان الأخرى وتعد اللافاش أحد المكونات الرئيسية للثقافة الأرمنية , وقد تم تصنيفها ضمن قائمة التراث غير المادي لليونسكو في العام2013 ، وخبز لافاش الأرمني هو جزء من المطبخ الشرق أوسطي ، وهو خبز الأرمن تتم صناعته في فرن تقليدي مصنوع يدويًا يسمى تونير ، ويحافظ أفراد العائلة على نظافة المكان لأنه جزء مقدس من منزلهم ، حيث ان وجود هذا المكان في منزلهم يدعم حياة وصحة الأسرة والمجتمع ، واليوم يمكن العثور على خبز اللافاش في معظم الأسواق ويباع في أكياس بلاستيكية تحتوي على ارغفة طولها 60سنتم!
ولا يمكنك زيارة العاصمة يريفان من دون تذوق
اللافاش ، فهو من أشهر أنواع الخبز في أرمينيا ، طعمه المميز وطريقته الفريدة في التحضير جعلاه سيد الموائد الارمنية ، وهو ليس مجرد خبز عادي بالنسبة إلى الشعب الأرمني،حيث أنه يحتاج إلى جهد وهو من تراث الاجداد والمحافظة عليه مهم وخبز اللافاش صحي ولا يتضمن مواد كيميائية بداخله ، حيث يضاف الخميرة الى الطحين فقط حتى يختمر العجين ، ثم توضع العجينة على لوح لجعلها رقيقة إلى أقصى درجة ثم تلصق على الجدار الداخلي لحفرة فيها نار مشتعلة وهي التنور المصنوع عادة من الفخّار، ليخرج بعد لحظات محمّصاً وساخناً وشهياً ، ولتحضير هذا الخبز لا بد أن يكون العمل جماعياً من ثلاث إلى خمس نساء يجتمعن حول التنور ولكل منهنّ دورها. لكنّ الأساس هو أن يخبز بحُب لأن الشعب الأرمني يؤمن بأنه يجب أن تردّدّ الدعوات لتحلّ البركات خلال خبز العجين وقد تتحقق الأماني من خلاله.
بحث نقولا ابو فيصل