كتب نقولا أبو فيصل “القديس غريغور المنور المعروف غريغوريوس الأرمني”!
“من كتاب “أرمينيا موت وحياة تتجدد”
Armenia death and life renewe
قبل أن يكون الدين المسيحيّ هو الدين الرسمي لأرمينيا ،كان الأرمن يتبعون الديانة الزرادشتيّة والوثنية الغربية المقتبسة من البابليّة القديمة ، وفي عهد ديكران الكبير أحتل الدين اليونانيّ المرتبة الاولى ، وفي عهد دريت وواغارش وخسروف أنتشر الدين البرتويّ انتشاراً واسعاً ، أما دْرطاد الذي تنصُّر سنة ٣٠١ بعد ان عاش طفولته في روما وكان فكره نيّراً وميالاً الى الحضارة الشرقيّة ، لكنه كان شديد التعصّب للدين الوثنيّ ، ورغم انه قد قاوم المسيحيّة وأضطهد المتنصّرين ساعياً إلى توطيد دعائم الوثنيّة بين الناس لكن الدين المسيحيّ عاد وأحتل مكان الأديان القديمة في زمانه. وقي التاريخ أيضاً وقبل دخول الإسكندر الكبير لأرمينيا كان الدين الفارسيّ شائعاً فيها ولكنّ وضعه كان متأرجحاً ، أمّا الدين اليونانيّ فقد انتشر في عهد الفاتح العظيم وأحرز مكانة وطّدها له الكهنة مع العلم أنهم كانوا يبشرون بعبادة أناهيد وواهاكن .
وكان كريكور ( غريغوريوس ) هو الناجي الوحيد من الموت بفضل مرّبيته ، بعد أن قام والده آناك بقتل الملك خوسروف ، فقام اتباعه بقتله مع جميع أولاده ، وقد تربى كريكور في قيصريّة وتعلّم فيها اليونانية واعتنق المسيحيّة . وحدث أن دْرطاد حين عاد من روما ليتولّى زمام الملك اصطحبه معه إلى بلاطه ، فلمّا وصلا إلى معبد أناهيد ، طلب منه أن يأخذ باقة من الورود ويقدّمها بخضوع إلى الآلهة أناهيد فرفض كريكور عبادة الصنم وجاهر بمسيحيّته ، وهناك غضب الملك من جسارة هذا المسيحي ، ولمّا تحقّق أن ّآناك أباه كان قاتل أبيه خوسروف أمر بحبسه وتعذيبه بقسوة ، وظلّ كريكور ( غريغوريوس ) زهاء ثلاثة عشر عاماً في سجنه بسراديب قصر أراشاد يكفّر عن خطيئة أبيه ويطلب النور السماوي للشعب الأرمنيّ حتى كانت تلك المعجزة الرباّنيّة التي أضحت سبب ارتداد شعب بأجمعه عندما أصاب مرض عضال الملك دْرطاد وفشل أمهر الأطبّاء في معالجته وأحذ يبتعد عن البلاط الملكي ويعيش ما بين الحيوانات في البراري حتى حلمت أخته بملاكٍ يحثّها الإفراج عن كريكور لأنه الوحيد الذي في إمكانه أن يشفي الملك ، وكانت المعجزة وشُفي دْرطاد واعتنق المسيحيّة وتنصّر معه الأمراء والأعيان ، وسافر كريكور إلى روما لمواجهة البابا سلفسترُس الأول وإطلاعه على ما جرى في أرمينيا . وقفل عائداً إلى بلاده ليعيش بين شعبه يقاوم بقايا الوثنيّة ويكرز بإيمان المسيح فلقبّه شعبه بالمنوِّر (لوسافوريتش) لأنه ردّ بخطبه ظلمات الوثنيّة ونشر نور المسيح في أنحاء أرمينيا كلّها .
وفي سبيل توطيد الدين المسيحي في إرمينيا دمّر دْرطاد بدافع من كريكور المعابد الوثنية وحطم الأصنام ومقاماتها وأحرق جميع الآثار الوثنية والأدبية المتعلقة بها ،ولم يهدأ بال كريكور إلاّ يوم أعلن دْرطاد المسيحيّة ديناً رسمياً للدولة وانتشر هذا الدين انتشاراً هائلاً ، وفي سبيل فهم عقائد الدين الجديد أوصى كريكور أبناءه وأحفاده بالعمل على إيجاد أبجديّة خاصة للغة الإرمنيّة وترجمة الأسفار السماويّة ، وهذا ما فعله ساهاك ومسروب في وقت لاحق ، وقد سبقت جمهورية ارمينيا كل الدول الاوروبية في اعلانها الدين المسيحيّ ديناً رسمياً للدولة ،الى أن أصدر ثيودوسيوس الأول الكبير قيصر الرومان قراره بإلغاء الوثنيّة وإحلال المسيحيّة ديناً للدولة سنة ٣٩٢ أي بعد دْرطاد ٩١ سنة ، كذلك فعلت فرنسا في العام ٤٩٢ اي بعد أرمينيا ١٩٥ سنة وإنكلترا في العام ٦٠٥ أي بعد الأرمن بنحو ٣٠٠ سنة ، وألمانيا في العام ٨٠٥ اي بعد ارمينيا نحو ٥٠٠ سنة،رقد القديس غريغوريوس المنوِّر سنة ٣٣٠ محاطاً بشعبه ، وتحتفل اليوم الكنيسة الأرمنية بعيده في ٢٦ حزيران ، بينما تحتفل الكنيسة القبطية بالعيد في ٢٤ كانون الأول ويعرف بعيد القديس غريغوريوس الأرمني.
بحث نقولا ابو فيصل