كتب نقولا أبو فيصل “بين الحقد والكراهية والإعلام اللبناني ! Between hatred , anger and Lebanese media
من سلسلة كتب “عن لبنان لماذا أكتب “جزء 5
بين الحزن والفرح، الغضب والكراهية، لم أعد أستطيع تحديد مشاعر بعض اللبنانيين هذه الأيام ، نعم قد تكون القصة عميقة الجذور وعمرها يفوق الخمسة والاربعين عاماً اي منذ بداية نكبات الشعب اللبناني في التاريخ الحديث ،ولكن بحبنا للوطن وبوحدتنا يمكن أن تحل مشاكلنا حتماً ،لأن الغضب العاطفي والكراهية والانتقام لا يخدم الوطن ، من هنا وجب علينا الحرص على نقاء قلوبنا وصفائها، لانه لا يوجد نعيم يشبه نعمة نقاء القلب وخلوه من الحقد والكراهية والحسد ، ولا شيء يساوي ان يرى الله قلوبنا وهي منشغلة بحبه عن كل ما سواه ، ولعل أكبر انتصار وأعظم فوز لنا هو أن يجعل الله قلوبنا طاهرة من رواسب الحقد والحسد والكراهية على أن الذين يُحاولون بإستمرار استئصال الحقد والكراهية من نفوسهم هُم فقط الشجعان ، أما الذين لا يحاولون فعل ذلك فهُم الجُبناء والعَاجزون .!
ولكي لا ننسى فأن بعض وسائل الاعلام اللبنانية من صحف ومجلات ومحطات اذاعة وتلفزيون قد ساهمت على مدى سنوات الحرب في زرع الشقاق بين اللبنانيين وتغذية الاحقاد والكراهية وكلكم تذكرونها بالاسم، حتى ان ما عجز امراء الطوائف والسياسة عن تحقيقه نجح اعلامنا في انجازه ، نعم جزء كبير من الاعلام اللبناني والعربي يلعبان حتى اليوم دورا ًخطيراً في تشويه الحقائق وطمسها وتسليط الضوء على أمور ليست ذات أهمية بالوقت الذي تخفى أخبار مهمة وحتى تسخيفها اذا ذُكرت ، ولهؤلاء أقول إتقوا الله في وطنكم وشعبه وقهره وظلمه ، حتى أن كلمة الحق هذه الأيام أصبحت تُحسب على أهواء الناس فمن يكِنّ لك الخير والحب يأخذ ما تقوله حرفياً، ومن يكنّ لك الحقد والكراهية فأنه سوف يقتطع من كلامك بعض المقاطع وينصب لك الافخاخ ويحسب ذلك عِداءً، اما المفتنون فأنهم يقتنصون الفرص ليفرغوا ما في جعبتهم من احقاد!
يقول الإمام الشافعي “لما عفوت ولم أحقد على أحد أرحت نفسي من هم العداوات”، والأخلاق أن نعفو عن بعضنا بعضاً ليعم الخير بيننا ، فالرجل الصادق هو من يكون شعاره “العفو عند المقدرة” وبالعفو نستطيع أن نُوقف نزيف الدماء ونقهر الشر ونقيم الأفراح، فلنسامح لإن الاعمار قصيرة والحياة فانية ، دعونا نكبح نار الفتنة ونبدد الصراع بيننا ونحقق الإنسانية الجامعة لانه لا يبقى للإنسان بعد رحيله سوى أعماله الطيبة وسمعته ، فالتسامحُ يجعل العقول تسمو ويجعل الفكر يستنير فيستقيمُ الإنسان في جميع نواحي حياته وتبقى قيمته راسخة حتى بعد مماته، فكيف لله ان يقبل طلباتنا للعفو عنا ونحن لا نملك الجرأة للعفو عن الاخرين ! وخير مثال : قصة النبي يوسف مع إخوته بعد أن حسدوه لمحبة أبيه له فألقوا به في البئر ليتخلصوا منه، ومرت الأيام واصبح يوسف وزيراً لملك مصر، وجاء إليه إخوته طالبين الطعام لقومهم ولم يعرفوه في بداية الأمر، ولكن يوسف عرفهم ولم يكشف لهم عن نفسه، وترددوا عليه مرات عديدة، وفي النهاية عّرفَهم بنفسه فتذكروا ما كان منهم نحوه، فخافوا أن يبطش بهم وينتقم منهم لما فعلوا به عندما كان صغيراً، لكنه قابلهم بالعفو .
نقولا أبو فيصل