كتب نقولا أبو فيصل “بين الوجوه البشوشة والوجوه الكالحة والخلاص المنشود”!
من سلسلة كتب “عن لبنان لماذا أكتب “جزء 6
البَشَاشَة هي طلاقة الوجه وإشراقه بفرح وتبسُم وحسن الإستقبال واللطف في التعامل ، وهي السرور بمن نلقاهم ، ومنذ صغري وأنا اسمع ان الوجوه البشوشة تشفي نصف الداء وأتذكر قول أمي:”إن الحياة جميلة برفقة أصحاب النفوس الطيبة والوجوه البشوشة المبتسمة لأن قلوبهم نقية ولا تفارقهم الابتسامة أبدًا ، ولطالما كان يأسرني أصحاب القلوب البشوشة البسطاء ، أولئك الذين كانوا سبباً في الطمأنينة ! أما من يملكون الجمال فقط من اصحاب الوجوه الجميلة فكانت تبهرني ملامحهم لبضع لحظات، وبعدها لا يبقى في الذاكرة سوى من مَسَّ القلب لا العين ويفوز أصحاب القلوب النقية والوجوه البشوشة .
أما اصحاب الوجوه الكالحة المفرطة في العبوس والعقول المتخمرة عبر الأزمنة ، اصحاب المشاريع التخريبية وتجار المال ومصاصي الدماء الذين اعتادوا ، لممارسة هوايتهم المفضلة ، العبثَ بلقمة عيش الشعب اللبناني والرقص على مآسيه وجراحه ، فإنها لتاريخه تقاتل دفاعاً عن امتيازاتها حتى الرمق الأخير ، هؤلاء عبثوا بالوطن منذ ما يزيد على ثلاثين سنة ونيّف على جميع الأصعدة، سياسياً، اقتصادياً واجتماعياً ، ولن يكون في القريب من مكان لـ”الوجوه الكالحة” التي تسعى لإعادة إنتاج نفسها بعد ان فشلت في ادارة البلاد والعباد .
من هنا نسأل الله ان يريحنا من طغمة تسلّقت الى السلطة عبر قانون انتخابي مشوّه جعلنا نعاني آثاره حتى اللحظة ومن خلاله أمعنوا في جَلد الشعب، ونهب ثروات وخيرات وموارد البلاد ،فيما هم ينظرون من أبراجهم العاجية من علُّ دون أن يرف لهم جفن ، ولهم اقول لا تخيفنّا كثرةُ الخبث، فالله لا تعجزه كثرته.
واذا كانت الحكومات اللبنانية المتعاقبة لم تعتمد الانتاج القومي الصناعي والزراعي سلاحاً بل اعتمدت اسلوب التسوّل من هنا وهناك، فضلاً عن استجرار الودائع، التي عادت الى اصحابها بفوائد لا يقبلها عقل ولا منطق ، الى أن وقعت اكبر سرقة في التاريخ على مرأى من هذه السلطة ، وكلما تأملت في حال البلاد وما تعانيه اليوم من أزمات ومحبطات اسأل الله أن ينعم علينا برجل مخلص وفيّ ، همه الأول والأخير مصلحة الوطن وتنميته وازدهاره.. فتنمية البلدان لا تأتي عادةً من تلقاء نفسها.. ما لم يكن هناك عقل مدبر ومحرك يعمل بإخلاص وتفانٍ من أجل إيصالها الى مصاف الدول المتطورة والمزدهرة . والتاريخ مليء بالأمثلة التي تستحق أن نتأمل فيها ونقف أمامها ، فمهاتير محمد قاد نهضة عملاقة في ماليزيا خلال سنوات وجيزة وكذلك اردوغان أوصل بلاده إلى مصاف الدول الصناعية المتقدمة.. وقبلهم نيلسون مانديلا وغاندي وابراهام لينكولن ومارتن لوثر كينج والأمير محمد بن سلمان، والشيخ زايد وغيرهم من قادة التقدم والتطور في العالم!
نقولا ابو فيصل