حدد الصفحة

الإمام موسى الصدر: السيرة والفكر والدور في لبنان والعالم العربي

الإمام موسى الصدر: السيرة والفكر والدور في لبنان والعالم العربي

كتب الدكتور ايلي كفوري في موقع اليومية

مقدّمة
يعد الإمام موسى الصدر من أبرز الشخصيات الإسلامية والإنسانية في القرن العشرين، ليس على مستوى الطائفة الشيعية فقط، بل على مستوى لبنان بمختلف طوائفه، وعلى صعيد العالمين العربي والإسلامي. فقد جمع بين الفكر الديني المتنوّر، والعمل الاجتماعي والتنموي، والنشاط السياسي الوطني. شكل حضوره علامة فارقة في الحياة اللبنانية، خصوصًا في مرحلة الستينات والسبعينات التي اتّسمت بالأزمات الداخلية والإقليمية. هذا البحث يتناول حياته، تميّزه في طائفته، علاقاته بالطوائف اللبنانية الأخرى، وصلاته بالدول العربية والإقليمية، إضافة إلى رؤيته للبنان ككيان سياسي واجتماعي.

حياته ونشأته العلمية
ولد الإمام موسى الصدر عام 1928 في مدينة قم الإيرانية، في أسرة علمائية بارزة تنتمي بجذورها إلى جبل عامل في جنوب لبنان، حيث كان أجداده قد هاجروا إلى إيران.
تلقى علومه الدينية في الحوزة العلمية في قم، ثم انتقل إلى النجف الأشرف في العراق لمتابعة دراسته الفقهية والفلسفية. برع في الفقه المقارن والفكر الإسلامي، وتفتّح على التيارات الفكرية الحديثة.
تميز في شخصيته بدمج الفكر النظري مع التطبيق العملي، وهو ما أعده ليكون قائدًا اجتماعيًا ودينيًا في زمن كانت الطائفة الشيعية اللبنانية بحاجة ماسّة فيه إلى قيادة إصلاحية.
عام 1959، بدعوة من شخصيات لبنانية دينية واجتماعية، قدم إلى مدينة صور ليتسلّم مهام المرجعية الدينية خلفًا للعلامة السيد عبد الحسين شرف الدين. ومن هنا بدأت رحلته اللبنانية.

دوره داخل الطائفة الشيعية وتميّزه

مواجهة التهميش
عانى الشيعة في لبنان لعقود من التهميش السياسي والاقتصادي، خصوصًا في الجنوب والبقاع، حيث انتشرت الأمية والفقر وغياب الخدمات.
جاء الإمام الصدر ليقدّم مشروعًا نهضويًا يرتكز على العدالة الاجتماعية والتنمية، معتبرًا أن الكرامة الإنسانية شرط أساسي لأي حياة دينية أو وطنية.

المؤسسات والتنمية
أسّس الإمام “معهد جبل عامل الفني” في صور، ومؤسسات تربوية وصحية عديدة تهدف إلى رفع المستوى العلمي والمهني للشباب الشيعي.
ركز على التعليم والتدريب المهني بوصفهما وسيلة لتحرير المجتمع من الجهل والفقر.
أطلق مشاريع لمكافحة البطالة وتنمية الأرياف، فكان رائدًا في الربط بين الدين والتنمية.

المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى
عام 1969، أسس الإمام موسى الصدر “المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى”، كإطار رسمي للطائفة في لبنان، يطالب بحقوقها من داخل الدولة لا من خارجها.
ميزة هذا المجلس أنه لم يكن انعزاليًا، بل أداة للانخراط في الحياة الوطنية والسياسية ضمن وحدة لبنان.

خطابه المميّز
امتاز الإمام بخطاب توفيقي إصلاحي يجمع بين روح الدين ومتطلبات العصر.
كان يردد دائمًا أن “الطائفة لا تعيش إلا مع الوطن، ولا كرامة للطائفة بلا دولة عادلة”.

علاقته بالطوائف اللبنانية الأخرى
آمن الإمام الصدر بأن لبنان ليس مجرد وطن للشيعة، بل وطن لجميع الطوائف، وركز على فلسفة العيش المشترك.
نسج علاقات متينة مع القيادات الروحية المسيحية، خصوصًا مع البطريرك الماروني بولس المعوشي، وكان من أبرز دعاة الحوار الإسلامي – المسيحي.
دافع بقوة عن وجود المسيحيين في الشرق، معتبرًا أن “المسيحي هو شريك المسلم في بناء الوطن، كما أن الإسلام لا يكتمل إلا بالعيش مع المسيحية”.
رفض الانجرار وراء الفتنة الطائفية خلال الحرب الأهلية، ودعا دائمًا إلى وحدة اللبنانيين ضد إسرائيل وضد كل أشكال الظلم.

علاقاته العربية والإقليمية

على المستوى العربي
أقام صلات وثيقة مع مصر عبد الناصر، مؤيدًا مشروع الوحدة العربية ومقاومة الاستعمار.
مع سوريا، نسج علاقة قوية مع الرئيس حافظ الأسد، معتبرًا أن أمن لبنان جزء لا يتجزأ من أمن سوريا.
دعم القضية الفلسطينية بوصفها “قضية العرب المركزية”، لكنه في الوقت نفسه شدد على أن حماية الجنوب اللبناني لا تقل أهمية، فعارض أي عمل فدائي يعرّض القرى الجنوبية للقصف والدمار دون حماية.

على المستوى الإقليمي
كانت له علاقة خاصة مع إيران قبل الثورة، حيث احتك بالتيار الإصلاحي هناك.
تواصل مع ليبيا في إطار الانفتاح على العالم العربي، إلا أن هذه العلاقة انتهت بمأساة اختفائه في طرابلس الغرب عام 1978 مع الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين.

نظرته إلى الكيان اللبناني
رأى الإمام موسى الصدر أن لبنان ليس مجرد كيان سياسي مؤقت، بل رسالة حضارية تقوم على التعددية الدينية والثقافية.
اعتبر أن “لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه”، مؤكدًا على أن قوته تكمن في تنوّعه.
شدد على أن بناء الدولة العادلة هو الحل الوحيد لمشاكل لبنان، وأن الحرمان في الجنوب والبقاع ليس مشكلة طائفة بعينها بل مشكلة وطنية.
من أقواله البارزة: “إسرائيل شر مطلق، والتعامل معها حرام”، ما عكس رؤيته للبنان كخط مواجهة أول مع العدو.

قضية اختفائه
في 25 آب 1978، سافر الإمام موسى الصدر إلى ليبيا بدعوة رسمية للقاء العقيد معمر القذافي. وبعد اللقاء، اختفى مع رفيقيه في ظروف غامضة.
بقيت قضيته لغزًا سياسيًا وإنسانيًا، وأصبحت رمزًا للمظلومية الكبرى في تاريخ لبنان الحديث.
غيابه ترك فراغًا هائلًا، إذ كان يُنظر إليه كرجل يمكن أن يكون صلة وصل بين الطوائف، وجسرًا بين لبنان والعالم العربي.

لبنان ما بين زمن حضور الإمام موسى الصدر وغيابه
كان الإمام يعمل على توحيد الشيعة وإخراجهم من التهميش من دون عزلهم عن بقية اللبنانيين. لقد طرح مشروعًا اجتماعيًا ووطنيًا: التعليم، التنمية، العدالة، تقوية الدولة. وربط مطالب الطائفة بمفهوم الدولة العادلة.
ولم يطرح أي نزعة انفصالية أو هيمنة طائفية، وشدد على الوحدة الوطنية والتعايش الإسلامي – المسيحي.
ووضع خطًا أحمر واضحًا ضد إسرائيل، معتبرًا لبنان ساحة مقاومة، لكن تحت سقف الدولة.

بعد غيابه:
دخل لبنان في الحرب الأهلية، وغابت الشخصية الجامعة التي كان يمكن أن توازن بين الطوائف. تحول الجنوب والبقاع إلى ساحات مفتوحة للصراع بين القوى الفلسطينية والإسرائيلية والميليشيات. وبرزت قوى شيعية مسلحة (حركة أمل ثم حزب الله) لسدّ الفراغ، لكنها أخذت الصراع إلى اتجاهات أكثر عسكرية وأقلّ توفيقية.
تصاعد الاصطفاف الإقليمي للطائفة الشيعية (ارتباط بإيران بعد الثورة) على حساب دورها الوطني الداخلي. وتعمق الانقسام الطائفي في لبنان وغابت القيادة الشيعية المعتدلة القادرة على مدّ الجسور مع المسيحيين والسنّة.
واليوم، يعيش لبنان أزمة اقتصادية – سياسية خانقة، يترافق معها فقدان الثقة بالدولة. فغياب شخصية بمستوى الإمام الصدر يُشعر كثيرين أن لبنان فقد رجل التوازن.

في زمن الإمام موسى الصدر، كان المشروع الشيعي نهضويًا ووطنيًا، مرتبطًا بفكرة الدولة والتعايش.
بعد غيابه، تحوّل المشروع تدريجيًا إلى عسكري وإقليمي، مرتبط بصراعات الشرق الأوسط.

بعبارة موجزة:
الإمام الصدر كان يطمح إلى “لبنان الرسالة”، بينما غيابه جعل لبنان ينزلق أكثر إلى “لبنان الساحة”.

في النهاية، الإمام موسى الصدر لم يكن رجل دين تقليديًا، بل كان مشروعًا وطنيًا شاملًا. عمل على نهضة الطائفة الشيعية، لكنه رفض حصر دوره داخل الطائفة، بل سعى إلى بناء وطن متوازن يقوم على العدالة والمساواة. في رؤيته، كان لبنان رسالة للعالم، والشيعة جزءًا لا يتجزأ من هذه الرسالة. علاقاته مع الطوائف اللبنانية الأخرى، ومع الدول العربية والإقليمية، أظهرت أنه كان قائدًا استثنائيًا يتجاوز حدود الطائفة إلى آفاق الأمة. غيابه القسري ما زال جرحًا مفتوحًا، لكنه لم يمحُ الأثر العميق الذي تركه في وعي اللبنانيين، مسلمين ومسيحيين، شيعة وسنة.

المنظر لحالو بيحكي! مطعم و كافيه قدموس كاسكادا مول تعنايل للحجز 81115115 ‏ Our Online Menu: https://menu.omegasoftware.ca/cadmus Website: www.cadmus-lb.com #Restaurant #Cafe #Lakeside #CascadaMall ‏#5Stars #Lebanon #International #Fusion #Cuisine ‏#Royal #Zahle #SendYourSelfie #Halal #Mediterranean ‏#Lebanesefood #holiday #cadmusrestocafe #food #foodphotoghrafy #delicious #ribs #family #isocertificate #lebanese #yummy #tasty #Cadmus #waffles #wings

 

WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com