عون ينتهك صلاحيات الحريري وينسف تشكيلته
بالأمس حمل الرئيس المكلف سعد الحريري مسودة حكومية، وبحسب معلومات ”الجمهورية” فإنه عوّل على موافقة رئيس الجمهورية عليها باعتبارها افضل الممكن، وتعكس التمثيل الموضوعي للقوى السياسية كافة، كما تؤكد التوازن بين الجميع، بحيث لا تشعر احداً بأن تقوم على قاعدة الرابح والخاسر، بل على الشراكة تحت عنوان الوحدة الوطنية.
وتضيف المعلومات انّ المسودة هي لحكومة من 30 وزيراً، لحظت 10 وزراء لفريق رئيس الجمهورية، 4 وزراء للقوات اللبنانية، و5 وزراء اضافة الى الحريري لتيار المستقبل، وزيراً لتيار المردة، و3 وزراء للحزب التقدمي الاشتراكي، و3 وزراء لحركة “أمل” و3 وزراء لـ”حزب الله”.
وبحسب المعلومات انّ هذه المسودة لم تلقَ تجاوباً من قبل رئيس الجمهورية، وتحديداً حول حصة القوات وكذلك حول التمثيل الدرزي، ذلك انّ مسودة الحريري لحظت 4 وزراء خدماتية لـ”القوات” وهو أمر لم يستسغه عون، مع انّ هناك من اكد انّ الرئيس لا يمانع بـ3 وزارات لـ”القوات” والرابع وزير دولة. كما انها لحظت 3 وزراء دروز للحزب التقدمي الاشتراكي، وهو الامر الذي يرفضه رئيس الجمهورية بشكل قاطع، إنطلاقاً من عدم قبوله برهن مصير الحكومة ميثاقياً في يد وليد جنبلاط.
وقالت مصادر مطّلعة على بعض تفاصيل لقاء الرئيسين لـ”الجمهورية”، انّ جو المداولات بين الرئيسين لم يكن مريحاً لكليهما، خصوصاً انّ الرئيس المكلف كان يعتبر المسودة الجديدة إنجازاً، ولقد توصّل اليه بعد جهود مضنية بذلها في الايام الاخيرة، فيما كانت مخيّبة في نظر رئيس الجمهورية الذي وجد فيها خللاً واضحاً، عبّر عنه في البيان الصادر عن المكتب الاعلامي لرئاسة الجمهورية الذي نعى فيه مسودة الحريري، لعدم انسجامها مع المسلمات التي سبق وأكد عليها رئيس الجمهورية، والتي تتمحور حول 3 مبادئ اساسية تشكّل المفتاح لأي حكومة مقبلة، وهي: احترام نتائج الانتخابات النيابية، انّ الحكومة يجب ان تكون انعكاساً للمجلس النيابي والّا يأخذ أحد زيادة عن حجمه، ولا احتكار للتمثيل الطائفي من اي جهة سياسية حتى لا تتحكم بميثاقية الحكومة.
واللافت في مسودة الحريري أنها ولدت ميتة، على حد تعبير مرجع سياسي كبير، ولم تعمّر سوى بضع دقائق، هي الفترة التي طرحها فيها الحريري، وتداول فيها مع عون حولها. وانتهى اللقاء بين الرئيسين على اتفاق بينهما على استمرار التشاور.
وقالت مصادر واسعة الاطلاع لـ”الجمهورية” انّ الحريري، عبّر في تصريحه بعد اللقاء، عمّا عرضه تماماً مع رئيس الجمهورية، الّا انّ محاولته تجميل المسودة التي طرحها لا تتفق مع رأي رئيس الجمهورية، فضلاً عن انه أوحى انّ الكرة صارت في ملعب رئيس الجمهورية، وهو الأمر الذي قد يكون دفع برئيس الجمهورية الى المسارعة الى رد الكرة الى ملعب الحريري، بردّ المسودة إعلامياً الى الرئيس المكلف عبر بيان المكتب الاعلامي والتركيز على أمرين: الأول اعتبار المسودة مبدئية وليست نهائية، والثاني الاشارة الى الخلل الذي يعتريها، ولاسيما لجهة مخالفتها لمسلمات رئيس الجمهورية…
يعني ذلك، في رأي المصادر المذكورة، انّ الحكومة اليوم ما زالت أسيرة منطقين، كلّ منهما يرمي كرة الجمر في اتجاه الآخر. وهذا معناه انّ تقديم المسودة الجديدة ورفضها “المقنّع” من قبل عون، أعادا الامور الى نقطة البداية، وبالتالي الى مدار الاحتمالات المتنوعة.
واذا كانت أوساط بعبدا تؤكد انّ رئيس الجمهورية ما زال يعتبر انّ في إمكان الرئيس المكلف تقديم مسودة قابلة للتوافق عليها، الّا انّ مصادر مطلعة على أجواء الرئيس المكلف لم تعكس ارتياحه ممّا آل اليه مصير “مسودته”، كما أشارت الى وقع غير مريح في بيت الوسط للبيان الرئاسي.
وتحدثت المصادر لـ”الجمهورية” عن مضمون البيان الرئاسي، الذي أحدث شعوراً، خصوصاً في الاجواء السنية المحيطة بالرئيس المكلف، بأنّ مضمون البيان فيه تجاوز للرئيس المكلف ومَس بصلاحياته، وخصوصاً في الحديث عن مسلّمات حدّدها رئيس الجمهورية، وكأنه بذلك يفرض عرفاً جديداً برسم خريطة طريق للتأليف يُوجِب على الرئيس المكلف سلوكها خلافاً للنص الدستوري (المادتان 53 و64)، الذي يحدد صلاحيات الرئيس المكلف في هذا المجال، ولا يلزمه بأي قيود ولا الاستجابة لأي شروط.