بواخر الطاقة:الدجاجة التي تبيض ذهبا للتيار
في حزيران الماضي، زارت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل بيروت، يرافقها وفدٌ اقتصادي ضمّ رؤساء أهم الشركات الألمانية، بينهم رئيس مجلس إدارة شركة “سيمنز” جو كايزر”.
يقال انه خلال الزيارة قدمت ميركل أو كايزر، عرضاً إلى المسؤولين اللبنانيّين لتأمين معمل أو معامل كهرباء، بكلفة 800 مليون دولار. ومع أن ليس هناك اي تصريح رسمي يوثق هذا القول، إلا أن ميركل وخلال مؤتمرها الصحافي مع الرئيس سعد الحريري في اليوم الثاني للزيارة، قالت “رأينا أن لدى حكومتكم خططا ملموسة جداً للاستثمار من أجل مصلحة الشعب اللبناني. أعتقد أن ألمانيا يمكن أن تقدم مساهمة جيّدة هنا، في مجال الطاقة وإدارة النفايات”.
عضو تكتل “لبنان القوي” النائب شامل روكز وفي تصريح تلفزيوني قال ما حرفيته: “عندما اتى رئيس شركة “سيمنز” الالمانية مع ميركل قال ان كل الأمور تنجز بستة أشهر وبكلفة أقل بكثير مما يحكى بها لبنانيا”.
ما أعلن عنه روكز نفاه زميله في التكتل وزير الطاقة سيزار ابي خليل، إذ قال “أن المسؤول عن الشركة لم يقدم مناقصة كما أشيع ونحن رفضناها، كل ما في الأمر أنه طرح فكرة خلال إجتماع، وعاد وسحبها بعدها”.
فيما مصادر قريبة من أبي خليل قالت إن «سيمنز أصلاً لم تقدّم عرضاً لحلّ الأزمة، لكن قدّمت اقتراحاً بمنحنا مولّدات مؤقتة بقوّة 40 ميغاواط تعمل بالغاز، وعندما ناقشهم الوزير سحبوا العرض من أساسه».
مصادر متابعة عن كثب لملف الكهرباء اكدت لـ”الأنباء” أن سيمنز لم تقدم مناقصة بالفعل، ذلك أن دفتر الشروط كان معدا فقط لـ”المعامل العائمة” اي البواخر، مشيرة إلى واقعة اخرى في هذا المجال حدثت مع شركة APR حيث تقدمت بعرض للوزير أبي خليل لبناء معمل على الغاز في منطقة البداوي على أن تؤمن هي نفسها الغاز للمعمل وبكلفة انتاج اقل، لكن الوزير ابلغها: “ضعوا المعمل على باخرة وعندها نتحدث”.
ولأن سياسة الكهرباء المعتمدة من وزارة الطاقة تندرج دائما في باب الهدر، كان طلب مؤسسة كهرباء لبنان نحو 640 مليار ليرة لتغطية شراء المزيد من الفيول والغاز الكافية حتى نهاية السنة، تُضاف إلى 2100 مليار كانت قد لحظت في الموازنة.
ضخامة الرقم المطلوب لثلاثة أشهر، يطرح مجددا أسئلة كثيرة حول الهدر وسوء الادارة لملف الكهرباء. فمثلا ان كلفة المخطط التوجيهي لنقل الكهرباء حتى عام 2025 تساوي 555 مليار ليرة فقط، وتكلفة إنشاء معمل دير عمار كانت مقدرة بـــ657 مليار ليرة، فما تطلبه وزارة الطاقة من مليارات الليرات لثلاثة اشهر فقط يفوق كلفة انشاء معمل لتوليد الطاقة.
القصة إذاً تدور كلها حول البواخر التي لا تملكها “سيمنز” أصلا، وهي متوفرة فقط لدى الشركات التركية، وقصة الكهرباء تبقى كقصة ابريق الزيت، وكما يقول البعض ساخرا “انها الدجاجة التي تبيض ذهبا”. فإذا لم يكن هناك صفقات مشبوهة كما يعتقد كثيرون، فعلى الاقل هناك سوء إدارة لهذا الملف الذي لا أحد يعرف متى تكون خاتمته السعيدة، فربما على اللبنانيين الانتظار 24 سنة ليروا الكهرباء 24 / 24 ساعة.
(الانباء)