“حكومة اللون الواحد” مطوّقة بالعقد
++++
دخل الحراك الشعبي شهره الرابع، والجائعون والمهدَّدون بما هو أسوأ من الفقر والجوع لا يجدون سوى الشارع مكاناً لإطلاق صراخهم لعلّه يصوّب المسار، ويستحضر الى الميدان أصحاب إرادات جدّية وصادقة لتنقذ ما يمكن إنقاذه ممّا تبقى من البلد، والساعات الماضية حملت تصعيداً إضافياً في بعض الشوارع واستهدافاً للمؤسسات المصرفية ورمياً للحجارة وقنابل الـ«مولوتوف» في اتّجاه مصرف لبنان في الحمراء. وأمّا السلطة، فثابتة على عماها وطرشها وتجاهلها صراخ الموجوعين، وممترسة في موقعها قبل 17 تشرين الأوّل، تمارس الأداء والنهج ذاته، بأبشع تجلّياته، إن على مستوى الغياب الكامل لحكومة تصريف الأعمال عن المسؤولية المفروضة عليها دستوريّاً ووطنياً، أو على ملعب التأليف، حيث تحوّل تشكيل حكومة اللون الواحد، الى مهزلة مستنسخة عن مراحل تشكيل الحكومات السابقة، وما كانت تشهده من تدافع سياسي على بلع الجبنة الحكومية.
تأخّرت ولادة الحكومة عن الموعد الذي كان مفترضاً أمس، كترجمة للإيجابيات التي بُنيت على مسار التأليف خلال اتصالات اليومين، وثبتت قواعدها الأساسية في اللقاء الذي جمع الرئيس برّي بالرئيس المكلّف حسّان دياب أمس الأوّل الخميس، ومهّد الطريق لولادة سريعة للحكومة، كان يمكن أن تحصل ليل الخميس الماضي، بعد تذليل تفاصيل صغيرة وصفت بأنّها غير جوهرية ومن النوع القابل للحلّ السريع، بين الرئيس المكلّف و«التيّار الوطنيّ الحرّ»، تليه زيارة أخيرة للرئيس المكلّف الى القصر الجمهوري، يصار فيها الى إصدار مراسيم الحكومة الجديدة بالتوافق مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
إلّا أنّ هذه التفاصيل، بدت أنّها أكبر من أن يتمّ تجاوزها بسهولة، بل أبعدت الحكومة عن غرفة الولادة، بعد بروز عقبات عديدة، عدّدتها مصادر مواكبة كما يلي:
– خلاف على حجم الحكومة والعودة الى طرح حكومة موسّعة من 24 وزيراً، فيما يصرّ الرئيس المكلف على حكومة من 18 وزيراً.
– خلاف على بعض الأسماء.
– خلاف على دمج بعض الوزارات.
– حصة «التيّار الوطنيّ الحرّ» والإصرار على 7 حقائب وزارية.
– خلاف على موقع نائب رئيس مجلس الوزراء، لجهة هل يكون بلا حقيبة، أم وزيراً مع حقيبة وزارية.
– خلاف على وزارة الاقتصاد، وعدم الحسم النهائي لمن ستؤول للرئيس المكلّف ام للتيّار.
– خلاف على ايّ وزارة ستُسند لكلّ من «الحدّادين»: أيمن حدّاد، ونقيبة المحامين السابقة أمل حدّاد.
– رفض تيّار المردة أن يمنح «التيّار الوطنيّ الحرّ» الثلث المعطّل في الحكومة، وإصراره على التمثّل بوزيرين، باعتباره يمثّل الكتلة المسيحية الثانية في مجلس النواب. وفي هذا الإطار ستندرج وقائع المؤتمر الصحافي الذي سيعقده رئيس تيار المردة الوزير السابق سليمان فرنجية قبل ظهر اليوم.
– الاعتراض الكاثوليكي على ما سمّاه بطريرك الروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي «الاستمرار في الإجحاف المتمادي في حقّ الطائفة بإعطائها وزيراً واحداً وحقيبة واحدة في الوزارة المنتظرة»، رافضاً الانتقاص من حقوقها ودورها وتمثيلها في الدولة بما يعود إليها، ما دام النظام الطائفي قائماً والجميع يتمسّك به». وهو تواصل لهذه الغاية مع رئيس الجمهورية. وتبعاً لذلك تردّد أنّ طرحاً استرضائياً، اقترح أمس، ولكن من دون ان يحسم بعد، وقضى بضمّ وزارة الشباب والرياضة بعد فصلها عن وزارة التربية والتعليم العالي الى وزارة البيئة لتكونا من حصّة وزيرة الروم الملكيين الكاثوليك منال مسلّم.
– الاعتراض الإرسلاني، الذي عبّر عنه رئيس الحزب «الديموقراطي اللبناني» النائب طلال إرسلان بإعلانه عدم القبول بتغيير المعايير مع الطائفة الدرزيّة، فإمّا أن تُعتمد المعايير مع كلّ الطوائف والمذاهب بالتساوي أو سيكون لنا كلام آخر… «ظلمٌ في السّويّة عدلٌ في الرعيّة». يشار هنا الى مخرج تردّد ظهر أمس، بأن يتخلى «حزب الله» عن حقيبة الصناعة فتُسند الى الدروز على ان يحصل «حزب الله» في المقابل على حقيبة الشؤون الاجتماعية. إلّا انّ مصادر مواكبة لمسار التأليف رجحت انّ اعتراض إرسلان تظهّر بعدما رفض «حزب الله» التخلّي عن حقيبة الصناعة
– إعادة طرح تمثيل الحزب السوري القومي الاجتماعي في الحكومة، باعتبار أنّه منح الرئيس المكلف صوته في الاستشارات الملزمة، وأنّه يملك كتلة من ثلاثة نواب في مجلس النواب.