منيف حمدان و”شريعة” كمال جنبلاط
كتب الإعلامي الدكتور ياسر غازي
في رحاب ميلاد كمال جنبلاط، ومن شريعة المعلم: “إن المسؤول عن الفساد في الحكم في لبنان، ليس النظام اللبناني، بل الأخلاق والسياسة اللبنانية…”.
إنها جدلية العلاقة بين الوظيفة العامة والأخلاق.
الأدهى أن ما حذر منه جنبلاط قبل نحو نصف قرن كُرّس نظاماً بديلا.. لم تقوَ (أو ترغب) في مجابهته سوى ثلة من القامات المنيفة، الزاهدة ب “جنة” السطة والمال، المتنسكة في محراب الحق والإنسان.
قامات، لا نبالغ القول: إنها على صورة كمال جنبلاط، وإن منيف حمدان المغادر مع شموس الخريف، هو رمزها المؤزر بمواقف من أوزان “… بالأمس قلنا واليوم.. وإلى أن تأتي ساعتنا نقول: سنأخذ الحق لصاحب الحق، حتى لو كانت ملوك العالم ضده، ونقتصّ من المعتدي حتى لو كانت ملوك العالم معه، هذه رسالتنا قد بلغناها وشهّدنا الضمير عليها فليبلغ الحاضر كل غائب”.
إنه القاضي منيف حمدان ابن بلدة الكفير الذي حمل بعقله سنن القوانين وفي قلبه قيم وادي التيم وخاض بسيفها معركة ” الأيادي النظيفة”، ناقلاً مفهوم رجل الدولة من واقعه اللبناني الزبائني التبعي، الى الفضاء “الكمالي” الناصع، بمعزل عن أي اعتبار سياسي أو حزبي. ومشتركاً بالزمن وبروحية المعركة مع نظيره الإيطالي القاضي العظيم جيوفاني فالكوني، بطل مكافحة المافيا التي تمكنت من اغتياله.
وفي لبنان كما في إيطاليا، كادت مافيا السلطة والمال أن تنال من الريس منيف، في معركة غير متكافئة.. دارت في كنف “النظام البديل”، فانتقل للدفاع عن الحق من ناصية المحاماة، وظل رافعاً لواءه حتى لحظة التماهي مع الحق المطلق.
لقد ترك منيف حمدان، إلى سيرته المشرفة، إرثاً وسوابق في عمله على رأس المحاكم وعلى “يمين أقواسها” ستغني المراجع العدلية والقانونية، وتفخر بها الأجيال المقبلة.
أيها المعلم، برغم هذا الليل.. سنظل نحلم بلبنانك، بوطن مساحته الحرية والشفافية، ولا تحده سوى الإنسانية. سنظل ننشد عدالة وشجاعة منيف حمدان، إذ سيظل صدى مرافعاتك الشهيرة يتردد مع كل مطرقة تعلن حكماً عادلاً باسم الشعب.