كتب نقولا ابو فيصل”المطران اندره حداد ….تاريخ في رجل”!

إيماناً مني بأن الكبير لا يولد كبيراً وأن التجارب هي التي تصنع الرجال وقادة الشعوب ، وتطبيقاً لمقولة :” إن الفتى من يقول ها أنذا ، ليس الفتى من يقول كان أبي” . وبعد مراجعة لمسيرة المطران اندره حداد نكتشف أن الراحل الكبير قد صنع قدره بنفسه وكان مثالاً للرجولة في زمن مضى عاش فيه ابناء زحلة اياماً صعبة من الحصار ومطاردة شبابها حتى لقب مطران الشباب وهو الذي كان يردد دوماً على مسامعنا عندما نكون في حالة حزن كبير وإحباط بعد كل خيبة امل ” يا شباب أن الحزن الكبير الذي يولد كبيراً لا يهم وقد نتعود عليه ، مشكلتنا مع ذاك الذي يبدأ صغيراً ويكبر كل يوم “.

نعم ايها السيد أن ألم فراقك لا يزال يوجعنا، وما يعزي قلوبنا أنك الان في احضان الرب مع الابرار والصالحين ، وها نحن اليوم في الذكرى الخامسة لانتقالك بالوفاة نستذكر اجمل الاوقات التي عشناها معك ، حيث تعلمنا منك الدروس والعبر وهي التي لا يمكننا أن نتعلمها الا من الكبار ، ولا بد من الاقرار أن موازين قوة القادة تقدر بشجاعتهم وقدرتهم على اتخاذ القرارات وعدم التردد ، وهكذا انت أيها السيد الحبيب لا يسعني حين أكتب أو أتحدث عنك الا ان اشكر الله على وجودك في حياتنا مدة ثلاثين عاماً ، وأقول لكل الذين لم يتعرفوا عليك أو يعرفوك وللتاريخ بأن زحلة عرفت رجلاً استثنائياً كبيراً هو المطران اندره الذي كانت تلبى طلباته مجرد أن يحرك عصاه !

يقول المطران اندره حداد في كتابه “أنقذتهم من العاصفة” إن العنف والسلاح لا يحلان مشكلة ولا يبنيان وطناً ، وحدها الكلمة الصادقة الحرة تنتج السلام وتبني الأوطان ، الكلمة الناتجة عن قناعة داخلية والمعبر عنها بصدق وجرأة هي السلاح الأقوى في معالجة الأحداث والمشاكل ، من هنا كانت الكلمة هي سلاحه الأقوى في عمليات النضال لإنقاذ المدينة، بل كل الأبرشية من قلب العاصفة وهذا ما عرف “بالحل الزحلي”وكلمة حق تقال انه بوجود المطران اندره كان حذف زحلة من التاريخ والجغرافيا أمراً مستحيلاً مع تسجيلنا لبطولات شباب المدينة وصمودهم والشهداء الذين سقوا ارض زحلة بدمائهم ،

نعم وجود المطران اندره في زحلة في تلك الحقبة الحرجة شكل نموزجاً للزعيم القوي ورجل الكنيسة الذي لا يُرد له طلب ، رغم ما كان من خطر على حياته في مواجهة الفوضى التي توجّت بتفجير دار المطرانية ، لكن وبدون شك المطران أندره اسس لتجربة ناجحة في تاريخ المدينة وصارت دار المطرانية المحمية من سيّدة النجاة محجّةً للجميع ، هكذا سلّم الامانة لخليفته المطران عصام درويش ، وها هي اليوم بأيدٍ أمينة مع مطران جديد للشباب هو المطران ابراهيم ابراهيم.

*من سلسلة كتب “عن لبنان لماذا اكتب”جزء 5