كتب زياد شهاب الدين “الكارما الجماعيّة”
كثيرًا ما سئلت عن رأيي بما يدور من حولنا من أحداث أليمة وأزمات متتالية يكاد المرء يعجز عن حصيها لسرعة تتاليها وتنوعها. احداث تضع البعض تحت ضغوطات مادية وآلام نفسيّة وتستولد أوجه متعددة من القلق والخوف من المستقبل. ازمات واحداث تصنف بحسب الدرب الباطنيّة – الايزوتيريك بالكارما الجماعية التي تطال مفاعيلها السلبيّة المجتمع ولو بنسب متفاوته.
بحسب علوم الإيزوتيريك فإن قانون الكارما يشكل بأبسط مفاهيمه قانون السبب والنتيجة. فهو ببساطة حصاد ما يزرعه المرء من أفكار ومشاعر ومسلكيّات. وحين تشير المعرفة الى مفهوم الكارما الجماعيّة، فهي تعني بذلك حصاد مجمل أفكار ومشاعر ومسلكيّات مجتمع ما يتشكل بصورة إما تطور على الصعيد الجماعي أو تقهقر بما يتضمن ذلك صعوبات وضغوطات تطال المجتمع بأطيافه وإن بدرجات مختلفة تحددها كارما الفرد ضمن المجتمع.
في المحصلة، فإن مفاعيل قانون الكارما أكان فرديًّا او جماعيًّا فهو تظهير لمستوى وعي الفرد أو مستوى وعي الجماعة التي تشكل المجتمع. إنطلاقًا مما سبق فإن ما نعايشه من أحداث أليمة وصدمات قاسية وأزمات متتالية ما هي سوى تظهير لحصاد بذور الجهل والتعصّب والإنغماس في المادة بعيدًا عن الإنفتاح على المعارف والقيم الإنسانيّة التي ترفع المرء فوق العاديّات من أفكار وممارسات بعيدة عن التطور الإنساني المنشود… هذا ناهيكم عن ممارسة العدد الكبير من المجتمع أشنع أوجه التحايل مع الآخر أكان في دائرة العمل أو دوائر العائلة، الزواج، أو المجتمع، على قاعدة الغاية تبرر الوسيلة في تظهير الأنا في أبهى حللها وإن على قاعدة الزيف … ومن هنا لا يسهى عن بالنا ذكر القول المأثور:” كما تكونون يولّى عليكم”… لمن يتعجب لأمر من ولّي إدارة شؤون المجتمع.
يدرك كل ممن إطلع على علوم الإيزوتيريك على أن العالم يشهد على بداية عصر جديد هو عصر الدلو أو عصر النور والمعرفة – معرفة باطن الإنسان. كما بات يعي كل من طبّق علومنا التي قدمها بأسلوب السهل الممتنع الدكتور جوزيف ب مجدلاني – مؤسس مركز علوم الإيزوتيريك في لبنان والعالم العربي أنه لا بد أن تشهد البشريّة مع دخول عصر جديد مخاضًا يمثل في أحد اوجهه احداث تأتي كتنقيّة داخليّة – باطنيّة للبشر عبر تسريع مفاعيل الكارما على الصعيدين الفردي والجماعي.
من هنا يكمن الحل، لتخطي الأمواج العاتية التي تمثلها الكارما، هو في فهم متطلبات المرحلة ووعي هدف المستقبل والذي يتمثل في رفع مستوى الوعي عبر إستئصال سلبيّات التحايل والإنغلاق والتعصب والإنغماس في المادة بإتجاه إكتساب الإيجابيات التي ترفع النفس وتقربها الى الأبعاد الإنسانيّة المرتكزة على الخير العام بعيدًا عن الأنانيّة والتحلي بصدق التعاطي مع النفس والآخر بإنفتاح كلي على التعلّم من إيجابيّات وسلبيّات الآخرين في محاور حياتنا كافة، إضافة الى التعلّم من الخبرات الفرديّة وخبرات الآخرين بعيدًا عن “الأنا” وبتواضع طالب المعرفة وهدف الإرتقاء بالنفس وتفتيح وعيها.
بهذا وأكثر، يبقى طالب الوعي ومريد المعرفة فوق هذه الأحداث والتي بدورها تشكل دافعًا لتفعيل الحس الإنساني عبر التعاطف مع الآخر والسعي لمساعدته.
أخيرًا، ما يزرعه المرء سيحصده مهما طال الزمن… وما يزرعه وعي الجماعة من مسلكيات سيرتد عليهم بشكل كارما جماعيّة … وتبقى العبرة لمن إعتبر وتبقى التجربة خير برهان لما أسلفت.