المجاملة …. بين الصدق والكذب ! بقلم نقولا أبو فيصل
فكر فيها!
المجاملة …. بين الصدق والكذب !
تهدف المجاملة في جوهرها إلى تعزيز العلاقات وتلطيف المواقف، لكنها تتحول أحيانًا إلى سلاح مزدوج ! إذ انها تُستخدم أحيانًا لتجميل الباطل والتغاضي عن مواجهة الحقيقة .
وفي لبنان تحوّل قسم لا بأس به من الشعب إلى مُطبلين للصاعد في صعوده، وشامتين بالهابط في سقوطه ! وأصبحوا أسرى لهذه المجاملات الزائفة، مسهمين
في تكريس الظلم والكذب . علماً أنه لا شيء يجبرهم على ذلك . فإن كانوا عاجزين عن مواجهة الكاذب، فلا ينبغي لهم أن يمدحوه، لأن الثناء غير المستحق يغذي الكذب ويُبقيه حيًّا . وبمجرد سحب كلمات المدح والثناء تبدأ الخطوة الأولى نحو تجريد الكاذب من قوته .
أما في مواجهة المستبد فإن التبرير لإجرامه هو مشاركة ضمنية في ظلمه . والصمت في حضرة الطغيان قد يكون خيارًا أفضل من اختلاق الأعذار له ، فالظلم لا يحتاج إلى مؤيدين دائمًا بل يكفيه المبررون ليستمر في الحياة . كذلك الاستسلام في مواجهة التحديات لا يبرر تعميم ثقافة الخضوع على الآخرين . وما نعجز عن فعله قد يقدر عليه غيرنا، ومن الظلم أن ننشر روح الهزيمة وكأنها قدر محتوم . أليس كذلك؟
إن نزع قناع المجاملة لا يعني القسوة أو التعنت، بل هو دعوة لأن نختار كلماتنا بعناية، وأن نكون صادقين مع أنفسنا ومع الآخرين. قد يكون الصدق مؤلمًا أحيانًا، لكنه وحده القادر على بناء مجتمعات أكثر وعيًا وعدالة . فلنواجه أنفسنا: كم مرة جاملنا على حساب الحقيقة؟ وكم مرة بررنا الظلم خوفًا أو نفاقًا؟ وإذا أردنا التغيير فعلاً وليس قولاً، فلنبدأ الآن ولنقم بنزع أقنعة المجاملات الزائفة ولنؤمن أن الصدق هو أقصر الطرق نحو التغيير المنشود ، فالقادم أجمل عندما نواجه الواقع بشجاعة .
نقولا أبو فيصل كاتب وباحث وعضو اتحاد الكتاب اللبنانيين